تنظيم مصروف البيت وطرق فعالة للادخار
يعتبر تدبير مصروف البيت وتنظيم المصروف الشخصي من أكبر هواجس الأفراد والعائلات، وذلك أن الفوضى المالية التي يعاني منها معظمنا تعد عاملاً أساسياً من عوامل الضغوطات المادية التي تؤرقنا جميعاً.
من جهة أخرى لا يعتبر تنظيم المصاريف وتدبيرها أمراً يسيراً، لكنه في نفس الوقت ليس مستحيلاً، لذلك سنقدم لكم في هذه المادة مجموعة من النصائح والتوصيات التي تساعدكم على تنظيم مصاريفكم الشخصية، من خلال تنظيم المصروف اليومي، المصروف الشهري، وتحسين عادات الإنفاق والادخار، واستخراج البيانات الفعالة في إعداد جدول المصاريف، تابعوا معنا حتى النهاية.
أول ما يجب فعله في سبيل تنظيم المصاريف هو مراقبتها جيداً
إذا كنت تعتقد أنك بحاجة لتنظيم مصروفك الشخصي أو مصاريف البيت فلا بد أن تبدأ أولاً بمراقبة هذه المصاريف وتتبعها بدقة، وذلك لتتمكن من اكتشاف الأخطاء التي ترتكبها والوجهات التي يمكن اعتبارها هدراً.
وفي سبيل مراقبة المصاريف لا بد أن تبدأ أولاً بتسجيل كل فلس تقوم بإنفاقه، ويمكنك استخدام برامج مثل Excel لتقسيم مصاريفك وتسجيلها والحصول على نتائج وبيانات مفيدة.
قم أولاً بتقسيم مصاريفك إلى حقلين رئيسين؛ المصاريف الثابتة، والمصاريف الطارئة
المصارف الثابتة
تتضمن المصاريف الثابتة مجموعة المدفوعات التي تقوم بسدادها بشكل شهري أو شبه شهري وبصفة مستقرة نسبياً، على غرار أجرة البيت ومصاريف الطعام والشراب، فواتير الماء والكهرباء والاتصالات، مصاريف طبية ثابتة، مصاريف مدارس ثابتة...إلخ.
قد تعتقد أن هذه المصاريف لا يمكن التحكم بها، لكننا سنطلب منك أن تستخدم اللون الأحمر في تحديد المصاريف الثابتة التي تتوقع أنها قابلة للضغط والتوفير، كالفواتير مثلاً، أو الطعام والشراب، أو اللباس.... وما إلى هنالك من مصاريف ثابتة يمكن أن تكون أقل.
وهناك بندان لا بد من وضعهما ضمن المصاريف أو المدفوعات الثابتة، بند سداد الديون إن وجدت، وبند الادخار.
المصاريف الطارئة
هنا ستقوم بتدوين المصاريف التي لم تكن في الحسبان، ستجد غالباً دعوات على العشاء خارج المنزل، هدية لأحد الأصدقاء بمناسبة زواجه، مصاريف طبية طارئة ..إلخ.
حقل المصاريف الطارئة هو المكان الذي ستجد فيه ضالتك دائماً، عليك التأكد أنك لا تخلط بين المصاريف الطارئة أو غير الثابتة والمصاريف الثابتة.
ستحتاج لتسجيل مصاريفك هذه لشهر على الأقل، وتأكد أن هذا الشهر عادي، أي أنك أثناء تسجيلك لمصروفاتك لا تقوم بنشاط استثنائي قد يقدم لك بيانات مضللة، مثل الانتقال إلى بيت جديد أو استقبال مولود جديد أو تغير في ظروف العمل وما إلى هنالك.
لتتمكن من إدارة مصاريفك بذكاء لا بد أن تتعامل مع الأرقام والنسب
بعد أن سجلت مصاريفك الثابتة وغير الثابتة على مدى شهر أو أكثر حان الوقت لتحليل هذه البيانات، لا تجعل مصطلح "تحليل البيانات" يخيفك، لأن العملية لا تحتاج إلى متخصص في المحاسبة، إنها مجرد عمليات حسابية شديدة البساطة وعظيمة الفاعلية، وذلك وفق الخطوات التالية:
التناسب بين الدخل والمصاريف
أول ما يجب أن تقوم بحسابه هو التناسب بين الدخل والمصروف؛ لنفترض أنك تحصل على دخل ثابت 500$ شهرياً، وتقوم بإنفاق 400$ في الشهر، ستقوم بضرب المصروف بـ 100، تقسيم الناتج على المبلغ الأساسي:
(400المصروف× 100) ÷ 500(الدخل) = 80%
وإذا كانت مصاريفك أعلى من دخلك ستحصل على نسبة سالبة، مثلاً:
(570 مصاريف× 100) ÷ 500 (الدخل)= 114%، أي أنك تعاني من عجز بقيمة 14%.
الضروري وغير الضروري
إذا كنت راضياً عن النسب التي أظهرتها البيانات فهذا أمر جيد، لكن إن لم تكن كذلك فلا بد أن تنتقل إلى الخطوة التالية وهي فرز البيانات إلى مصاريف ضرورية ومصاريف غير ضرورية.
أغلب المصاريف الضرورية ستكون في حقل المصاريف الثابتة مثل إيجار البيت والفواتير ومصاريف الطعام، لكن إذا كنت تشعر أنك بالغت بشراء أحد أنواع الأطعمة الغالية، أو أنك تبالغ في شراء كميات كبيرة تضطر لاحقاً للتخلص منها دون فائدة فلا بد أن تضعها في خانة المصاريف غير الضرورية.
المصاريف القابلة للضغط
بعد أن عرفت نسبة مصروفك إلى دخلك ،وفصلت بين ما هو ضروري وبين ما هو غير ضروري من مصاريفك، لا بد أن تحدد البنود التي يمكن اختصارها أو النفقات التي يمكن ضغطها.
الأمر نسبي؛ فقد يرغب البعض بضغط النفقات المتعلقة بالفواتير الشهرية مع الحفاظ على نفقات الطعام والشراب ثابتة، وقد يرغب آخرون بالحفاظ على مصاريف الترفيه مقابل ضغط نفقات الطعام والشراب.
لكن لتتمكن من تجهيز مخطط فعال لمصاريفك لا بد أن تضع كل المصاريف القابلة للضغط في الحسبان، لاحقاً عندما تشعر أنك في أمان يمكن أن تعدل قليلاً في خطتك.
إذا كنت قد تمكنت من جمع البيانات التي ذكرناها بشكل جيد فأنت مستعد الآن لتحضير جدول المصروفات المناسب لك، وقبل أن نتحدث عن تفاصيل جدول المصاريف لا بد أن نذكر بعض النقاط الجوهرية التي يجب وضعها في الحسبان:
- لا تكن حالماً أكثر من اللازم، بمعنى ألا تحدد أرقاماً خيالية وغير ممكنة، تأكد دائماً أن خطتك قابلة للتطبيق.
- لا تتهاون مع نفسك؛ فلا بد أن تجد طريقة تجبر نفسك من خلالها على الالتزام بالخطة.
- شارك الخطة مع المعنين بها، فإن لم تشاركك زوجتك بخطتك مثلاً لن تحصل على النتيجة المرجوة.
- لا تنسى قياس فعالية خطتك بشكل دوري كما سنبين لاحقاً.
كيف أعد جدولاً للمصاريف؟
البيانات هي المادة الأساسية لجدول المصاريف، والأهداف بمثابة الأعمدة التي تقيم هذا الجدول، وبما أننا تحدثنا عن طريقة استخراج البيانات وتحليلها، لا بد أن نبدأ مع الأهداف.
لنطرح مثالاً؛ دخلك الشهري كما ذكرنا 500$، ولنفترض أن نسبة مصاريفك إلى دخلك 92% ونسبة الادخار من الدخل الشهري 8%.
لا بد أن يكون هدفك في هذه الحالة أن تخفض مصاريفك إلى 88% من دخلك مقابل 12% ادخار، كما يجب أن يكون من بين أهدافك أن تحسن دخلك وسنتكلم عن ذلك لاحقاً.
إذاً؛ هذا الشهر ستقوم برصد مبلغ 440$ كمصاريف مقابل 60$ ادخار، كل ما عليك فعله هو تدوين المصاريف ضمن نطاق المبلغ الذي حددته.
وكما ذكرنا سابقاً فلا بد أن يكون هدفك قابلاً للتحقيق وللقياس، فإذا قلت أنك ستخفض مصاريفك بنسبة 50% دفعة واحدة مع أن مصاريفك غير الضرورية لا تتجاوز 10% فإن ذلك مستحيل.
انظر الجدول التالي:
الدخل | مصاريف ثابتة | مصاريف متغيرة | ادخار | تسديد الديون |
---|---|---|---|---|
500$ | إيجار منزل 120$ | نثريات 60$ | 60$ | 0$ |
فواتير 40$ | ||||
مصاريف طعام 150$ | ||||
مصاريف طبية 50$ | ||||
مواصلات اتصالات20$ | ||||
مجموع: | 380$ (76%) | 60$ (12%) | 60$ (12%) | 0$ |
هذا الجدول يسمى السيناريو، أي أنك تتوقع كيف سيكون المصروف خلال الشهر القادم، ولتتمكن من قياس فاعلية هذا السيناريو، لا بد أن تقوم بتجزئة مصاريفك إلى أصغر وحدة ممكن.
فإذا كنت قد حددت 150$ للطعام والشراب يعني أنك ستدفع خمسة دولارات أمريكية كل يوم عن هذا البند، و35$ أسبوعياً.
وعلى ذلك يجب أن تقوم يومياً بقياس أدائك، من خلال تسجيل البنود التفصيلية لمصاريفك والتأكد أنك تتبع السيناريو كما وضعته، كما أن التسجيل اليومي للبيانات سيجعلك تتجنب سريعاً أي انحراف عن الخطة، فإذا قمت اليوم بدفع 7$ للطعام ستقوم غداً بتقليص المخصصات إلى 3$.
في نهاية الشهر ستخبرك البيانات بكل شيء، إذا كنت قد التزمت بالسيناريو فهذا جيد، والأفضل أن تكون مثلاً قد وفرت نصف مبلغ المصاريف النثرية، ليكون مبلغ الادخار قد وصل إلى 90$، والممتاز أن توفر أيضاً 10 $ من مصاريفك الثابتة فيصل مبلغ الادخار إلى 100$.
تغيير العادات المالية من أهم الإجراءات لتنظيم المصاريف
في سبيل تحسين مصروفك الشهري لا بد أن تبدأ بتغيير عادتك المالية، ويمكن القول أنك بدأت بذلك فعلاً ما دمت قد وصلت إلى هذا الجزء من المقالة.
يجب أن تفكر جيداً بالعادات المالية التي تؤثر على مستوى معيشتك وعلى طريقتك في الإنفاق وتبدأ بتغييرها، وإليك أهم العادات المالية التي يجب إعادة النظر بها:
- الإنفاق دون خطة: لا تنفق دون أن تعلم مسبقاً قدرتك المالية والحد المسموح به للإنفاق.
- تسديد الديون: آلية الاستدانة وتسديد الديون تؤثر بشكل كبير على إدارة المصاريف، يمكنك التعرف أكثر على طريقة تسديد الديون من خلال هذه المادة (كيف أسدد ديوني؟).
- الدخل: يجب أن تضع في اعتبارك دائماً زيادة الدخل، فتنظيم المصروف وحده لا يكفي، لا بد أن تبحث عن طريقة مبتكرة لزيادة الدخل ولو بنسبة بسيطة، مع الحفاظ على خطة مصارف متوازنة.
- الطموحات المالية: لا تجعل طموحك فقط أن تأكل وتشرب، ضع أهدافاً كبيرة وفكر كيف ستصل إليها.
- الادخار: من أكثر الأخطاء شيوعاً أن الناس يعتبرون الفائض عن مصاريفهم هو مبلغ للادخار، لكن الأصح أن تقوم باقتطاع مبلغ الادخار مسبقاً قبل أي شيء، وتعتبر أنه اختفى تماماً.
من جهة ثانية لا بد أن تقوم بوضع حصالة الفكَّة، وضع فيها القطع النقدية المعدنية كلما توفرت في جيبك، وستجد في نهاية السنة مبلغاً كبيراً.
- التوفير: في كل مرة تتخذ فيها قرار الشراء مهما كان بسيطاً حاول دائماً أن تبحث عن الأرخص، فعلى سبيل المثال ستجد خضراوات أرخص في السوق، وقد ترغب في شراء عرض التوفير من الحبوب بدلاً من شرائها بالقطاعي أو بالكيلو.
العمل الخاص: ابحث دائماً عن فرصة للعمل الخاص، جرب أن تشتري بعض المنتجات وتبيعها في يوم الإجازة مثلاً، أو ابحث عن فرصتك عبر الانترنت.
أخيراً.... لتتمكن من تنظيم مصروفك الشخصي أو مصروف البيت لا بد أن تتمتع بالصبر، فقد لا تنجح من المرة الأولى، لكن لا بد أن تبحث عن أسباب فشلك في تنظيم مصروفك، وأن تحاول إعداد سيناريو جديد بعد تجاوز الثغرات في السيناريو الأول، كما لا بد أن تتمتع دائماً بالمرونة الكافية لتستجيب للتغيرات بشكل سريع وحكيم.