أنواع كريات الدم البيضاء والخلل في تعداد الكريات البيض
يعاني الجسم البشري منذ بداية حياته في هذا العالم من أنواع كثيرة تكاد لا تنتهي من العوامل الممرضة، من جراثيم وفيروسات وطفيليات بأنواعها المختلفة، هذه العوامل الممرضة بالطبع مؤذيةٌ لنا ولصحتنا، لكن الجسم بالمقابل لا يقف عاجزاً أمام هذه العوامل بل توجد وسائل وآليات دفاعية يقاوم بها هذه العوامل الممرضة.
ما هي كريات الدم البيضاء؟
تشكل كريات الدم البيضاء (White blood cells)؛جزءاً من الجهاز الدموي ومكونات الدم، هذه الكريات البيض عبارة عن خلايا يتم إنتاجها في نقي العظام (Bone marrow)، وهو عبارة عن نسيج موجود في جوف العظام يحوي خلايا تقوم بإنتاج عناصر الدم من كريات بيض وكريات حمر وصفيحات دموية.
ينتج نقي العظام الكريات البيضاء ويطرحها لتسير في الدم وتصل إلى كافة الخلايا والأنسجة في الجسم لتقوم بمهمتها، هذا الإنتاج للكريات البيض يكون بشكل مستمرٍ ولا يتوقف لأن عملية الدفاع عن الجسم عملية جارية باستمرار، لنفهم الأمر سنشبه الموضوع بساحة معركة مستمرة بين الجراثيم والعوامل الممرضة التي تدخل الجسم باستمرار وبين الكريات البيض التي تدافع عن الجسم، وفي بعض الحالات التي يكون فيها الغزو شديداً من قبل الجراثيم أيضاً يتحفز إنتاج عدد أكبر من الكريات البيض للسيطرة على هذا الغزو الجرثومي.
تبدأ مقاومة الجسم بمنع دخول العوامل الممرضة إليه وإبقائها خارجه وذلك بمساعدة الجلد والغشاء المخاطي للفم والأنف، هذه الوسائل خارجية وتمنع بشكل ليس بالقليل دخول العوامل الممرضة، لكن في كثير من الأحيان تفشل هذه الآليات في الحماية، هنا يصل العامل الممرض كالجراثيم مثلاً إلى داخل الجسم فماذا يحدث؟ هنا يتم تفعيل الجهاز المناعي الداخلي لدينا؛ وهو عبارة عن مجموعة من الخلايا والمواد التي تقوم بمهاجمة العامل الممرض والقضاء عليه وعلى تأثيراته الضارة، ومن هنا تأتي أهمية كريات الدم البيضاء حيث تشكل هذه الخلايا بأنواعها كافةً؛ حجر الأساس في جهازنا المناعي ومقاومته للعوامل الممرضة.
أنواع الكريات البيضاء ووظيفتها
قلنا إن الكريات البيض بعد إنتاجها تنطلق في الدم لتقوم بمهامها في الدفاع عن الجسم، لكن هل لكل الخلايا البيض نفس الوظيفة والتخصص والشكل؟
بالطبع لا، فالهدف العام للكريات البيض هو الدفاع عن الجسم، وفي إطار تحقيق هذه المهمة تكون الكريات البيض مقسمة إلى أنواع متعددة، كل نوع من الكريات البيض يكون له وظيفته وتخصصه ويتعاون مع بقية الأنواع لتحقيق الحماية للجسم، هناك خمسة أنواع أساسية للكريات البيض نستعرضها فيما يلي:
- الكريات البيض المعتدلة أو ما يعرف بالعدلات (Neutrophils):
- تشكل هذه الخلايا النسبة الأعلى من أنواع الكريات البيض حيث تتراوح نسبتها بين (55-70)% من مجمل الكريات البيض، بالتالي هي تشكل الثقل والمكون الأساسي للجهاز المناعي
- تمتاز هذه العدلات بأنها أول الكريات التي تتوجه لمنطقة الإنتان ووجود العامل الممرض وتستطيع الوصول لأي نقطة تحوي إنتان في الجسم على عكس بقية الأنواع.
- أهم العوامل الممرضة التي تقوم الكريات البيض المعتدلة بمهاجمتها هي الجراثيم والفطريات، حيث تقوم إما ببلعمتها (ابتلاعها) ومن ثم حلها أو تفرز هذه العدلات مواد معينة (أنزيمات) تقوم بحل هذه العوامل الممرضة والقضاء عليها.
- وتتميز هذه الخلايا البيضاء المعتدلة بأن نواتها تكون مجزأة أي مكونة من عدة أقسام صغيرة متصلة مع بعضها وتعطي منظر الحبيبات في مركزها ولذلك تدعى أيضاً؛بالكريات البيض المحببة (Granulocyte).
- الكريات البيض اللمفاوية أو اللمفاويات (Lymphocytes): تشكل النوع الثاني من حيث العدد بالنسبة للكريات البيض حيث تتراوح من (20-40)%، لها نوعين أساسيين هما اللمفاويات التائية (T cell) و اللمفاويات البائية (B cell)، تتكون مثل باقي الكريات البيض في نقي العظم إلا أن موضوع نضجها ووظيفتها وتميزها إلى نوعيها الأساسيين (البائية والتائية)؛ أعقد قليلاً من بقية الأنواع وسنحاول تبسيط هذه العملية فيما يلي:
- تنشأ في البداية اللمفاويات كما قلنا من نقي العظم، قسم من هذه اللمفاويات يخرج ويسير مع الدم كغيره من أنواع الكريات البيض لكن القسم الأكبر يتجه إلى الجهاز اللمفاوي (Lymphatic system).
- هذا الجهاز اللمفاوي عبارة عن مجموعة من الأنسجة والأعضاء كالطحال (Spleen) واللوزات والعقد اللمفية، مهمة الجهاز اللمفاوي تخزين الكريات البيض اللمفاوية وجعلها تنضج وبالتالي القيام بمهمتها في الدفاع عن الجسم.
- أما بالنسبة لتمايز الخلايا اللمفاوية لنوعيها الأساسيين فيكون في مكانين، المكان الأول هو نقي العظم وفيه تنضج الخلايا اللمفاوية البائية، والمكان الثاني هو غدة الثيموس (Thymus gland) وهي غدة تقع في منتصف الصدر ضمن القفص الصدري لها عدة وظائف وتفرز عدة هرمونات لكن دورها الأساسي في المناعة، حيث تهاجر إليها نسبة من اللمفاويات التي تُنتج في نقي العظم، وفي هذه الغدة يتم نضجها وتطورها لتصبح لمفاويات تائية.
- إذاً الملخص العام يكون إنتاج الكريات البيض اللمفاوية من النقي ومن ثم تمايزها إلى لمفاويات بائية في نقي العظم أو لمفاويات تائية في غدة التيموس، ومن ثم قسم يبقى ضمن الدم والقسم الأكبر من هذه اللمفاويات بنوعيها يخزن في الجهاز اللمفاوي.
- آلية عمل اللمفاويات ووظيفتها: على الرغم من وجود نوعين من اللمفاويات تائية وبائية ولكل منهما وظيفته إلا أن هذا لا يعني أن كل نوع من الخلايا اللمفاوية يعمل بشكل مستقل عن الآخر، بل على العكس تماماً الخلايا اللمفاوية بنوعيها تتكامل مع بعضها لتؤدي مهمتها في القضاء على العامل الممرض ولا يمكن لأحد النوعين العمل دون وجود الآخر، وسنلخص خطوات العمل باختصار فيما يلي:
- أولاً: تبدأ العملية عند وجود عامل ممرض في الجسم، هنا يكون دور اللمفاويات البائية بدايةً، حيث تتعرف على العامل الممرض وتقوم بإنتاج مواد تعرف بالأضداد (Antibodies)، هذه الأضداد عبارة عن مادة تلتصق بالجسم الغريب الذي هو هنا العامل الممرض أو ما يعرف بمولد الضد (Antigen)
- وسمي بمولد الضد؛ لأن وجوده حرض إنتاج الأضداد من الخلايا البائية، تلتصق الأضداد بالجسم الغريب فقط والتصاقها يكون مثل الإنذار والعلامة والإشارة إلى بقية خلايا الجهاز المناعي بأن هذا العامل غريب عن الجسم ويجب القضاء عليه، أي بمعنى آخر الخلايا اللمفاوية البائية تقوم بوضع علامة على الجسم الغريب لتتم مهاجمته وهذه العلامة هي الأضداد.
- ثانياً: الخلايا اللمفاوية التائية تقوم بالتقاط وتمييز الإشارة التي وضعتها الخلايا البائية على الجسم الغريب والتي هي الأضداد وتدرك أنه خطير وغريب ويجب القضاء عليه، هنا تهاجم الخلايا اللمفاوية التائية الجسم الغريب وتفرز مواد تقضي عليه، وتدعى هنا الخلايا اللمفاوية التائية بالخلايا التائية السامة أو القاتلة (T cytotoxic).
- ثالثاً: بعد القضاء على الجسم الغريب يأتي دور نوع آخر من الخلايا التائية يدعى بالخلايا التائية المنظمة، ومن اسمها فهي تنظم العمل بعد القضاء على الجسم الغريب وتعيد الوضع لطبيعته وتوقف عملياً القتل وافراز المواد السامة من الخلايا التائية القاتلة.
- الكريات البيض الحمضة أو الحمضات (Eosinophils): تنشأ من نقي العظام كغيرها من الكريات البيض، لها نواة ذات فصوص وتعطي منظر الحبيبات كما هو الحال في الكرية البيضاء المعتدلة، ولذلك تصنف أيضاً مع الكريات البيض المحببة كما ذكرنا.
- تكون وظيفة هذه الحمضات بشكل عام القضاء على الجراثيم والعوامل الممرضة للجسم بالتعاون مع المعتدلات واللمفاويات
- لكنها تكون أكثر تخصصاً في بعض الحالات، ففي حالة الإصابة بالطفيليات مثلاً ترتفع نسبة الكريات البيضاء الحمضة بشكل ملحوظ وتعمل على محاربة هذا الطفيلي
- في حالات التحسس لبعض المواد الخارجية ترتفع أيضاً الحمضات عند دخول العامل المحسس وتستجيب لوجوده محاولةً السيطرة عليه.
- الكريات البيض الأسسة أو الأساسات (Basophils): تتكون الأساسات (الخلايا القاعدية) في النقي العظمي وتتواجد بالإضافة لوجودها مع الدم في عدد كبير من أنسجة الجسم، هذا يعني أنها تكون مستقرة و متوضعة بين خلايا الجسم المختلفة كالجلد مثلاً، بالتالي عند حدوث جرح في الجلد تكون الأساسات أول من يتصدى للجراثيم التي تحاول الدخول عن طريق الجرح في الجلد، إضافةً إلى ذلك ً للأساسات دورٌ مهم في الحالات التحسسية بالتعاون مع الحمضات لمنع تأثيرات المادة المحسسة وتخفيف الالتهاب والتفاعل الناجم عن دخولها.
- الوحيدات (Monocyte): تعد أكبر أنواع الكريات البيض
- بعد إنتاجها في نقي العظام تخرج للدم والأنسجة المختلفة بالجسم
- مهمتها الأساسية في حال مواجهتها لعامل ممرض أنها تعمل على بلعمته (ابتلاعه)، حيث تتحول إلى ما يعرف بالبالعات الكبيرة (Macrophage) وتحاول ابتلاع العامل الممرض والتخلص منه
- في حال كانت غير قادرة على ابتلاعه بشكل كامل فهي تقوم بابتلاع وتخريب جزء منه؛ وهنا يصبح هذا العامل الممرض المخرب جزئياً أكثر عرضةً للاكتشاف من قبل بقية أنواع الكريات البيض وبالتالي تجتمع حوله وتقضي عليه
- أي هذه الوحيدات إما أن تقوم بالقضاء على العامل الممرض أو تسهل اكتشافه والقضاء عليه من بقية الكريات البيضاء عبر تخريبه بشكل جزئي.
العدد والنسب الطبيعية للكريات البيض
تكون الكريات البيض كما قلنا جزءاً من مكونات الدم، هذا الجزء يكون بنسبة محددة وعدد طبيعي من الكريات البيض، أي بمعنى أوضح في حالة الجسم السليمة وبدون وجود أي اضطراب أو مرض يكون عدد ونسبة الكريات البيض في الدم محددة وضمن مجال طبيعي.
يتم قياس نسبة الكريات البيض وعددها في الدم من خلال إجراء تحليل الدم المعتاد أو ما يعرف بتعداد الدم الكامل CBC) Complete blood count)، حيث يتم أخذ عينة من دم المريض عن طريق إبرة وإرسالها للمختبر والعودة بالنتائج ويمكن أيضاً إجراء فحوص خاصة بكل نوع من أنواع الكريات البيض على حدى.
العدد الطبيعي للكريات البيض في الدم يتراوح بين (3500-10000) كرية في الميلمتر المكعب من الدم، وتكون نسبة كل نوع من أنواع الكريات كما يلي:
- العدلات (45-70) %.
- اللمفاويات (20-40) %.
- الوحيدات (1-10) %.
- الحمضات أقل من 7%.
- الأسسات أقل من 3%.
كما قلنا هذا العدد وهذه النسب تكون محققة في الحالة الصحية للجسم، لكن هناك أمراض وحالات صحية معينة تؤدي إما إلى ارتفاع هذا العدد أو ارتفاع نسبة وعدد نوع معين من الكريات البيض، أو إلى انخفاض العدد الكلي للكريات البيض أو عدد ونسبة نوع معين، وسنعرض بعد قليل أهم الأسباب التي تؤدي إلى تغيرات في عدد ونسبة الكريات البيض.
تغيرات وتبدلات عددالكريات البيض
تقوم الكريات البيض كما قلنا بمهمة أساسية وهي الدفاع عن الجسم ضد العوامل الممرضة مثل الجراثيم والفيروسات والطفيليات، وقلنا أنه في الحالة الصحية للجسم تكون نسبتها ثابتة، لكن ماذا عن الحالات التي تتغير فيها هذه النسبة سواء ارتفعت أو انخفضت؟
بالحقيقة إن أي اضطراب في نسبة وعدد الكريات البيض ارتفاعاً أم انخفاضاً يحمل معه دلالة مرضية وسبباً لهذا التغير، بشكل عام يشير العدد المرتفع للكريات البيض غالباً إلى وجود إنتان بعامل ممرض كوجود جرثوم أو فيروس يتكاثر ويغزو خلايا الجسم، في حين يشير العدد المنخفض للكريات البيض إلى وجود اضطراب وحالة صحية تؤثر على تشكل الدم عموماً أو الكريات البيض خصوصاً في نقي العظام، لنتعرف أكثر إلى أسباب ارتفاع وانخفاض كريات الدم البضاء.
زيادة عدد الكريات البيض أو ما يعرف بـ (Leukocytosis) يعني ارتفاع عدد الكريات البيض الكلي عن العدد الطبيعي المقبول أو ارتفاع على حساب نوع معين وارتفاع نسبته مقارنةً ببقية أنواع الكريات البيض، وتكون أهم أسباب الارتفاع ما يلي:
- الإنتان والعدوى (Infection): نعني هنا دخول عامل ممرض كالجراثيم إلى الجسم، وبعد دخول هذا العامل يبدأ بالتكاثر وتخريب الخلايا وإعطاء أعراض الإصابة بالجرثوم، هنا تتنبه الكريات البيض لوجود هذا العامل الممرض وتتجه نحو المنطقة التي يتواجد فيها ويتم تحفيز نقي العظام لإنتاج المزيد من الكريات البيض وبالتالي يرتفع عددها.
- سرطان الدم (Leukemia): هنا يحدث تكاثر خبيث وغير منظم للخلايا الموجودة في نقي العظام، وكما نعلم هذه الخلايا هي التي تنتج عناصر الدم من كريات حمر وكريات بيض وصفيحات، فعندما تتكاثر ويزداد عدد هذه الخلايا المنتجة الموجودة في النقي يزيد بالمحصلة إنتاجها للخلايا الدموية ومنها الكريات البيض وبالتالي يزيد عددها في الدم وترتفع بشكل ملحوظ وكبير.
- الحالات التحسسية (Allergies):يعاني العديد من الأشخاص من حساسية تجاه مواد معينة مثل الغبار أو شعر بعض الحيوانات أو بعض الأغذية كالفستق وغيرها من المواد، هؤلاء الأشخاص حين يتناولون المادة التي تسبب الحساسية يتنبه الجهاز المناعي والكريات البيض على نحو أساسي، تتجه الكريات البيض باتجاه هذا العامل المحسس وتحاول التصرف معه و إيقافه، بالتالي أيضاً تحفز إنتاج المزيد من الكريات البيض للسيطرة على هذا العامل المحسس الغريب وترتفع نسبتها في الدم.
- الحالات الالتهابية: هناك بعض الأمراض يحدث فيها حالات التهابية مزمنة المقصود هنا أنه وبشكل مستمر يوجد تجمع لكريات بيض في منطقة الالتهاب، السبب في هذا الالتهاب المستمر والتجمع للكريات هو غالباً سبب مناعي ذاتي أو مرض مناعي ذاتي؛ ونعني به أن خلايا المناعة التي هي الكريات البيض تصاب بخلل وتقوم بمهاجمة أنسجة جسمنا وتخربها وتسبب التهاباً فيها، أي يصبح جهازنا المناعي يحارب جسدنا ويخربه بالتالي يزيد عدد الكريات البيض في الدم، نذكر على سبيل المثال بعض هذه الأمراض والحالات الالتهابية كالتهاب المفاصل الرثياني (Rheumatoid Arthritis) وأمراض الأمعاء الالتهابية (IBD).
انخفاض عدد الكريات البيض أو ما يعرف بـ (Leukopenia)، يعني انخفاض عدد الكريات البيض في الدم عن 3500 كرية في الميليمتر المكعب، هذا الانخفاض في العدد بالطبع ليس بالأمر الطبيعي بل هو شيء سلبي وقد يخفي خلفه أمراضاً خطيرة، حيث أنه كما نعلم الكريات البيض هي المسؤولة عن المناعة ودفاع الجسم ضد العوامل الممرضة فحين تنخفض أعدادها يصبح الجسم معرضاً بشكل أكبر لهذه العوامل وأقل قدرة على محاربتها، و أهم أسباب انخفاض الكريات البيض ما يلي:
- الإنتان يسبب انخفاض عدد كريات الدم البيضاء: قد يبدو هذا الأمر مستغرباً فمنذ قليل أشرنا إلى أن الإنتان يرفع عدد الكريات البيض وذلك لمحاربة العامل الممرض وهذا يبقى صحيحاً، لكن المقصود هنا الإنتان في بدايته
- في بداية دخول العامل الممرض تتجه الكريات البيض المتوفرة في الدم لمحاربة العامل الممرض وتبدأ معركة القضاء عليه وبنفس الوقت يتم إرسال إشارة لإنتاج المزيد من الكريات البيض.
- في هذه الفترة الزمنية التي تحتاجها الكريات البيض الإضافية لكي يتم إنتاجها ووصولها لمكان الإنتان تكون الكريات البيض التي انطلقت في البداية لمواجها الغزو المرضي قد نقص عددها وتم استهلاكها
- وهنا قد يظهر نقص الكريات البيض في التحليل، لكن في الحقيقة هذا النقص مؤقت وتكون بقية الكريات البيض متجهة لمكان الإنتان.
- الأمراض الدموية: نقصد الأمراض التي تؤثر على نقي العظم وخلاياه، هذه الخلايا كما ذكرنا هي المسؤولة عن إنتاج الدم بمكوناته كافة من كريات بيض وكريات حمر وصفيحات، فعند إصابتها بمرض أو خلل ما سينقص إنتاج عناصر الدم كلها أو عنصر محدد كالكريات البيض على سبيل المثال، ومن هذه الأمراض الدموية نذكر فقر الدم اللاتنسجي (Aplastic anemia)؛ وهو حالة مرضية تصيب نقي العظام يحدث فيها عدم اصطناع لأي عنصر من عناصر الدم بالتالي تنخفض نسبتها وعددها ومن ضمنها عدد الكريات البيض.
- بعض أنواع العلاجات: المقصود بهذه العلاجات هو العلاج الكيماوي (Chemotherapy) والعلاج الشعاعي (Radiation therapy)، تستخدم هذه العلاجات بشكل أساسي في علاج سرطانات وأورام الجسم المختلفة والقضاء عليها لكن بالمقابل تحمل تأثيرات سلبية على الجسم ومن ضمنها الكريات البيض، فقد تسبب هذه المواد تخريباً للكريات البيض الموجودة في الدم والأنسجة المختلفة أو قد يصل تأثير المواد الكيماوية والأشعة لنقي العظم الذي هو مصنع الكريات البيض وتخربه؛ بالتالي يقل عدد الكريات البيض.
- فيروس الإيدز (AIDS): أو ما يعرف بفيروس نقص المناعة المكتسب (HIV)، أحد أخطر الفيروسات المنتقلة عبر الجنس بشكل أساسي، تأتي خطورة هذا الفيروس من كونه يقوم بتعطيل مناعة الجسم وبالتالي مقاومة الجسم للعوامل الممرضة كالجراثيم وغيرها، فهو يجعل خلايا الجهاز المناعي التي هي الكريات البيض غير قادرة على تمييز العوامل الممرضة وبالتالي تدخل هذه العوامل وتحدث المرض وتدمر الكريات البيض بدون وجود أي ردة فعل للجسم ضدها، لأن الجهاز المناعي والتعرف على هذه العوامل معطل ومشلول.
وفي النهاية... يجب أن نقول ونذكر أنه رغم وجود جهازنا المناعي وكرياته البيض التي تمتلك قدرة وكفاءة عالية في محاربة العوامل الممرضة والحفاظ على صحة الجسم، إلا أنه لابد من أخذ الحيطة ومراجعة الطبيب عند حدوث مشكلة صحية أو مرض ما، وذلك لإجراء الفحوص اللازمة وفي حال وجود خلل ومشكلة في مناعة الجسم وكرياته البيض يتم علاجها وتداركها منذ البداية ليبقى الجسم محصناً ضد الأمراض.