كيف أواجه التحرش وأتعامل مع المتحرش؟
تقول مديرة برنامج مواجهة العنف ضد النساء والفتيات ريتشل جوكيز أن "التحرش الجنسي بالنساء والفتيات بات جزءاً من حياتهن اليومية، وذلك ما ينتج عنه حالة من إعاقة حرية المرأة في الشوارع والأماكن العامة"، ومن المؤسف أن التقارير تشير إلى تفشي ظاهرة التحرش الجنسي في العالم العربي بشكل كبير، على الرغم من الأعراف والتقاليد والضوابط الدينية الرافضة للتحرش الجنسي رفضاً قاطعاً، إلّا أن كل هذه الروادع لم تشكل حماية حقيقة للمرأة العربية.
في هذه المادة؛ نحاول أن نقدم لكم بعض أساليب الحماية من التحرش الجنسي، وذلك من خلال التعرف أكثر على صفات المتحرش الجنسي، وكيفية حماية النساء والفتيات من التحرش ووقايتهن.
في البداية لا بد أن نعرِّف التحرش الجنسي، فالتحرش هو كل فعل أو قول أو إيحاء جنسي غير مرغوب، ينتج عنه انتهاك لجسد أو مشاعر الشخص الآخر، وكل من يقوم بتصرف له طابع جنسي يسبب للآخر خوفاً أو حرجاً أو تهديداً أو أذية يعتبر متحرشاً.
من وجهة نظر القانون يعتبر التحرش دون الاغتصاب في بعض الدول جريمة موصوفة لها عقوبة خاصة، فيما يندرج في دول أخرى تحت بنود قانونية عامة كالأفعال المنافية للحشمة، وعلى وجه العموم نادراً ما يتم الإبلاغ عن حالات التحرش اللفظي أو حتى الجسدي في الدول العربية، وذلك لاعتبارات اجتماعية تتعلق بمفهوم الفضيحة والسيادة الذكورية على المجتمع.
والمتحرش هو شخص منحرف أخلاقياً ونفسياً، يقوم بالأذية اللفظية أو الجسدية بدوافع جنسية أو شبه جنسية، وبشكل إرادي أو قهري، فما هي دوافع المتحرش وصفاته؟
بأي شكل من الأشكال لا يمكن اعتبار أي من دوافع المتحرش مبرراً للتحرش، وإنما يفيد فهم دوافع المتحرش في إحالته إلى الجهة المناسبة لإعادة تأهيله من جهة، وفي حماية الأطفال والمراهقين من الانحراف والانزلاق إلى التحرش من خلال ملاحظة أي من المشاكل أو الأزمات التي قد تجعل منهم متحرشين في المستقبل.
الدوافع الجنسية للتحرش
هناك رأيان بخصوص الدوافع الجنسية للتحرش الجنسي؛ أصحاب النظرية الأولى يعتقدون أن الكبت الجنسي والانحرافات الجنسية المختلفة تمثل الدافع الرئيسي والأهم للمتحرش الجنسي، وذلك أن الهدف من سلوكه بالدرجة الأولى هو إشباع رغبات جنسية.
ومن الانحرافات التي قد تدفع الرجال للتحرش بالنساء فرط الرغبة وإدمان الجنس، الكبت الجنسي، الضعف الجنسي الذي يجعل من التحرش بديلاً للعلاقة الجنسية السوية غير الممكنة وغيرها من الانحرافات والمشاكل الجنسية.
أما أصحاب الرأي الآخر فيرون أن الدوافع الجنسية لا تشكل العمود الفقري للتحرش الجنسي، وذلك أن المتحرش قد يتمتع بحياة جنسية جيدة مع زوجته أو حتى خارج إطار الزواج، وليس بالضرورة أن يعاني انحرافات جنسية سريرية أو أمراض تتعلق بالجنس.
وحتى المجتمعات المنفتحة جنسياً لم تكن بعيدة من انتشار ظاهرة التحرش الجنسي، ففي أميركا وكندا تتعرض واحدة من كل ثلاثة سيدات إلى التحرش، وبناء على ذلك ينظر إلى الإدمان على التحرش أنه يستند أكثر إلى عوامل نفسية واجتماعية، تعالوا نتعرف أكثر على هذه العوامل.
الدوافع النفسية والاجتماعية للتحرش
تتشابك العوامل النفسية والاجتماعية بطريقة درامية معقدة لتنتج المتحرش، حيث يأتي تساهل المجتمع مع الذكور المتحرشين وتحميل الإناث ذنب تعرضهن للتحرش كدافع رئيسي للمتحرش، وقد رأينا في الفترة الماضية بعض الدعوات الشاذة التي تشجع الشباب على التحرش بحجة التصدي للباس غير اللائق!.
لكن وفي نفس الوقت لا يستغل هذا التساهل والتراخي الاجتماعي إلا شخص منحرف أخلاقياً ويفتقر إلى أدنى القيم الإنسانية والأخلاقية.
والسيطرة الذكورية في المجتمع تجعل الرجل ينظر إلى المرأة كسلعة جنسية من حقه أن يعاينها ويختبرها ويرمي لها الطعم لعلها تسقط في مصيدته ويكون ذلك مشروعاً بالنسبة له.
من جهة أخرى تنظر مجموعة الرجال إلى المتحرش نظرة إعجاب، ويتبادلون الضحكات عندما يقوم بلمس امرأة في الشارع أو يلقي بنكاته السخيفة، ذلك طبعاً ما لم تكن هذه المرأة أمهم أو أختهم أو زوجتهم!!، وهذا الإعجاب المتبادل بين مجموعة الرجال والمتحرش يجعل من التحرش طريقة لإثبات الذات والاندماج الاجتماعي.
أخيراً وليس آخراً، يتبع بعض الرجال أسلوب التحرش الجنسي كانتقام من المرأة، فيصطادون المرأة الناجحة ويضايقون زميلتهم في العمل لأنهم لم يتمكنوا من مجاراتها أو إثارة انتباهها.
صفات المتحرش الجنسي
للأسف لا يمكن تمييز المتحرش ببساطة، فقد يكون شخصاً محترماً وثرياً ويتعامل بأخلاق عالية في الأماكن العامة والتجمعات، لكنه يتحول لشخص قميء ووضيع ما أن تسنح له الفرصة.
وعلى وجه العموم لا بد أن تتبع المرأة حدسها، فغالباً ما يكون حدس المرأة صادقاً، وتمتلك النساء عموماً قدرة على قراءة نظرات الرجال.
كيف أواجه التحرش الجنسي وأدافع عن نفسي؟
من وجهة نظرنا ونعتقد أنه اتجاه عام؛ الأجدى أن نقدم لضحايا التحرش المحتملين أدوات الدفاع عن أنفسهن وحماية أجسادهن ومشاعرهن من المتحرشين بدل أن نعمل على توعية المتحرش، هذا لا يعني بالطبع ألا نقدم للمتحرش ما يساعده للإقلاع عن هذا السلوك بالتزامن مع العقوبات الرادعة، لكن الأسهل والأسرع أن تتمتع الضحية المحتملة بالقدرات والمعارف التي تساعدها على مواجهة التحرش.
الدفاع عن النفس
هناك الكثير من تقنيات الدفاع عن النفس التي يجب أن تتعلمها المرأة للحماية من مراحل التحرش المتقدمة التي قد تصل للاغتصاب، حيث تقوم بعض الأندية الرياضية بتعليم السيدات والفتيات حركات قتالية خاصة تتميز بالسرعة والفاعلية والاعتماد على التقنية أكثر من الاعتماد على القوة البدنية، وذلك بهدف الدفاع عن النفس وردع المعتدي، حيث تكون هذه الحركات كفيلة بإنقاذ حياتهن.
كما يجب أن تحمل كل سيدة معها بعض الأدوات الخاصة للدفاع عن النفس، مثل بخاخ العيون والعصا الكهربائية وغيرها من وسائل الدفاع عن النفس، التي لا تعتبر أسلحة بقدر ما تعتبر أدوات لكف الأذى.
اللجوء إلى القانون
كي لا نكون منفصلين عن الواقع، يجب أن نعترف أن بعض الدول العربية لا يمكن اللجوء للقانون فيها، لأن القائمين على تنفيذ القانون قد يتحولون لمتحرشين بدورهم إذا أتتهم سيدة جميلة تشتكي من التحرش!.
لكن على وجه العموم؛ يجب أن تعرف كل سيدة وفتاة موقفها القانوني في بلادها، وفي مكان العمل، وكيفية تعامل الضابطة العدلية والسلك القضائي مع المتحرشين.
الابتعاد عن الأماكن المناسبة للتحرش
لا بد أيضاً أن تتجنب الفتيات والنساء الدخول في الشوارع المظلمة أو المشهورة بالتحرش، كما لا بد من تجنب الاختلاء بأشخاص مجهولين أو مثيرين للشك في بيئة العمل أو غيرها.
الإخبار والتصريح
يجب أن تمتلك الضحية الجرأة على فضح المتحرش، وأن تتمسك بحقها في الدفاع عن نفسها، وأن تواجه بشجاعة كل من ينظر إلى الضحية على أنها الجلاد.
المشاركة في الحملات الأهلية للقضاء على التحرش
تنظم المجتمعات النسوية والمنظمات الإنسانية حملات توعية تهدف إلى محاربة التحرش الجنسي، والمشاركة في مثل هذه الحملات والنشاطات يعتبر خطوة في سبيل حماية المشاركين أنفسهم من التحرش.
كما يمكن المشاركة في الحملات التي تطالب بإعداد قوانين رادعة وعقوبات فعلية للمتحرش.
حماية الأطفال من التحرش الجنسي
إذا كنتِ ضحية للتحرش أو الاعتداء الجنسي ولم تتح لكِ الفرصة للدفاع عن نفسك أو حتى إخبار أهلك بالحادثة؛ لا بد إذاً أن تمنحي أطفالك الثقة اللازمة بأنفسهم وبكِ ليتمكنوا من إخباركِ في حال تعرضهم لأي مضايقات جنسية.
كما لا بد من تعليمهم أن لهم مساحة خاصة بهم لا يسمح لأحد باختراقها عنوة، مهما تكن العلاقة بينهم وبينه، ومن الجيد دائماً أن يمتلك الأطفال بعض خبرات الدفاع عن النفس.
ترد إلى موقع حلوها الكثير من القصص والاستفسارات حول التحرش الجنسي والتعرض للاعتداء الجنسي التماساً لآراء القراء ومساعدة الخبراء، ونحن إذ نعرض عليكم بعض القصص الواقعية عن التعرض للتحرش الجنسي وتأثيره على الضحية إنَّما ليستأنس أصحابها برأيكم ولتتعرفوا أكثر على أبعاد هذه القضية.
لا تسكتوا عن التحرش!
في قصة حزينة من قصص أصدقاء حلوها نلمس مباشرة خطورة السكوت عن المتحرش، فقد تعرضت صديقة الموقع للتحرش الجنسي من زوج أختها لسنوات عدة، وعلى الرغم أنها أخبرت أختها وأمها وتأكدتا من صحة قولها، لكن لم تأتيا بأي إجراء لإيقاف زوج الأخت المتحرش عند حده.
وعلى الرغم من تجاوز تلك المرحلة بعد سنوات طويلة إلا أنها تركت ندوباً عميقة في روح صديقتنا، لتقديم النصائح ولقراءة ردود الخبراء والقراءة اقرأوا القصة الكاملة من هنا (تحرش زوج أختي بي ترك شرخاً كبيراً في شخصيتي).
خوف الضحية من الفضيحة يدفع المتحرش إلى تكرار التحرش!
تتعرض صديقة موقع حلوها إلى ضغط نفسي كبير بسبب تجارب مؤلمة مع المتحرشين، حيث تعرضت لتحرش جسدي في السوق وأخبرت والديها ولم يقوما بفعل شيء، وهي أيضاً تخشى أن تتصدى للمتحرش فيقوم الناس بتصويرها، لكنها أصبحت تخاف الخروج من المنزل بسبب هذه الحالة.
لقراءة القصة كاملة مع تعليقات الزوار والخبراء ادخل إلى هذا الرابط (أتمنى عودة الزمن 5 سنوات كي أنتقم من "المُتحرِّش"!).
التحرش ذكرى أليمة!
من القصص الغريبة التي وردت إلى موقع حلوها قصة رجل تعرض في شبابه إلى إحدى قريباته وتحرش بها، لكنه وبعد فترة تقدم إلى خطبتها وتزوجها، وهو على ما يبدو لم يتزوجها لأنه تحرش بها، بل كان تحرشه تعبيراً رديئاً عن مشاعره تجاهها.
وبالفعل عاشا حياة سعيدة واستمر زواجهما سنوات طويلة، لكن مع كل مشكلة أو شجار كانت زوجته تذكره أنه تحرش بها عندما كان مراهقاً وهي طفلة، وصل الأمر بينهما إلى التفكير بالانفصال.
لقراءة تفاصيل القصة وردود القراء ونصائح الخبراء زوروا هذا الرابط (كلما حدثت مشكلة تذكرني بما فعلت بها).