تربية الأبناء من الرضاعة وحتى انتهاء مرحلة المراهقة
يحتاج الأبناء إلى الرعاية، في كافة المراحل العمرية، وتعد العائلة أول عالم اجتماعي يواجهه الطفل. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي يقع على عاتق الأسرة في التنشئة الاجتماعية للطفل، إلا أنها ليست الوحيدة، بل تساعد الحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام المختلفة، على صياغة العوامل الداخلية والخارجية للطفل. وبغض النظر عن الصعوبات والتحديات والتعقيدات، التي تواجه الوالدين في تربية أبنائهم، إلا أن تربية الأبناء تعد متعة، حين يرى الوالدان أنهما يغدقان على أطفالهما من العطف والحنان، ما يجعلهم ينطلقون إلى الحياة بثقة وثبات. وسنستعرض في هذا المقال، عددًا من النقاط في كيفية التربية السليمة للأطفال، منذ الولادة وحتى فترة المراهقة.
تُعرف تربية الأبناء على أنها عملية تعزيز، ودعم العاطفة والشعور، والتنشئة السليمة لدى الطفل، وتساهم كلٌ من الوراثة والبيئة والمحيط والمجتمع في صياغة شخصية الطفل، وبنيته الفكرية والروحية.
لا توجد فرحة تضاهي فرحة الأهل باستقبال مولودهم الجديد، وخاصة إذا كان الطفل الأول للعائلة، إلا أن هذه الفرحة غالبًا ما يتخللها القلق والخوف، من عدم القدرة على التحكم بتصرفات الطفل، وتربيته التربية السليمة والصحيحة.
فكيف أتعامل مع طفلي الرضيع؟
تبدأ التربية منذ اللحظة الأولى لولادة الطفل، فحرصنا هنا على جمع أفضل النقاط لضمان تربية الطفل الرضيع، التربية السليمة:
- يجب على الأم أن تعود طفلها على نظام معين، وأن يكون هناك وقت مخصص للنوم وآخر للأكل.
- القرب من الطفل، ومشاركته بكافة تفاصيل حياته، بابتسامته واندهاشه.
- على الوالدين التحدث مع رضيعهما، وشد انتباهه من اليوم الأول، مما ينمي مهاراته.
- يجب على الوالدين إظهار حبهما لرضيعهما، وإشعاره بمدى أهميته بحياتهما، مما ينمي لدى الرضيع القدرة على التعبير عن مشاعره.
يبدأ الطفل بعمر السنتين، ببناء شخصيته الخاصة خطوةً بخطوة، بعيدًا عن والديه، ويبدأ الطفل باعتبار والديه المرجع الأول له، فهم مرآة تصرفاته، ويعاني الأهل في هذه المرحلة، من ردة الفعل القوية للأطفال، وخاصة بقول "لا" فما هي طريقة تربية الأطفال بعمر السنتين؟
سنوضح لكم بعض النقاط الواجب اتباعها، في تربية الأطفال بعمر السنتين؛ لبناء شخصية قوية لديهم:
- الابتعاد عن أسلوب الأمر والنهي في تربية الأبناء، في هذه المرحلة العمرية، والاعتماد على أسلوب محبب لدى الطفل.
- الابتعاد عن الصراخ والعصبية قدر المستطاع، في التعامل مع الطفل. ولنتذكر دائمًا أن الطفل سيقلد ما نفعل من تصرفات وكلام.
- الابتعاد عن فرض القوانين والأوامر الصارمة على أطفالنا، فمعظم الأطفال يكرهون هذا الأسلوب، ويعبرون عنه بالرفض والصراخ والعصبية، بل علينا أن نخبرهم بما نريد، ولكن بطريقتهم.
- احتضان الطفل وقول الكلمات الجميلة له، في حالة دخوله بحالة من العصبية.
- علينا زرع الثقة بيننا وبين أطفالنا، بعيدًا عن دائرة الأوامر والنواهي، بل علينا تقديم النصائح بطريقة بسيطة وإرشادية؛ لأنهم على يقين أننا نحبهم.
- كما يتوجب علينا دائمًا زرع الثقة في نفس الطفل، ومدحه عند عمل أي موقف إيجابي.
تُعرف المراهقة، على أنها الفترة الممتدة من سن 15 إلى 21 وهي فترة صعبة ومتقلبة يمر بها الإنسان، وتكون بمثابة الاختبار الأول للإنسان في حياته. ونظرًا لشدة حساسية مرحلة المراهقة، وتأثيرها على حياة الأفراد وتكوينهم العقلي والاجتماعي والنفسي، على الأهل مراعاة الأبناء في هذه المرحلة؛ ليتجاوزوها بالشكل السليم، فكيف أعامل ابني المراهق؟
سنقدم لكم هنا بعض النصائح، في تربية الأبناء المراهقين:
- تحمل المسؤولية: علينا أن ندرك أن طفلنا الصغير المدلل بدأ يكبر وينضج، ومن هنا علينا أن نعتمد عليه، في تحمل مسؤولية العديد من الأمور، مما يعزز ثقته بنفسه، وقدرته على تحمل المسؤولية.
- الاحترام: على الأهل معاملة المراهق باحترام حتى يتعامل معهم باحترام، ولنجعل الاحترام المتبادل قاعدة بيننا، بعيدًا عن سب أو إحراج الأبناء أمام الآخرين.
- وضع قواعد واضحة للأبناء:يعتبر سوء الفهم بين الآباء والأبناء من أبرز الأخطاء التي يقع بها الأهل، لذا علينا وضع قواعد خاصة وواضحة للأبناء، بعيدًا عن الظلم والتجبر؛ حتى نتقن فن تربية الأبناء والتعامل معهم بصورة صحيحة.
- تقبل فكرة التغير:على الأهل أن يدركوا بشكل واضح أن طفلهم بدأ يكبر، وبالتالي سيتغير في طباعه، حيث سيترك أشياء ويحب أشياء أخرى.
- تقبل تأثير الآخرين على ابنك المراهق: على الأهل تقبل فكرة أنهم ليسوا وحدهم من يؤثر على أبنائهم الآن، فالشارع والمدرسة والأصدقاء ووسائل الإعلام المختفلة جميعها تؤثر عليه، علينا حقًا حمايته بطريقة منفتحة عن كل ما هو حولنا، ولكن بعيدًا عن الرفض والمنع.
- الأصدقاء: تعد الصداقة أمرًا أساسيًا في حياة المراهق؛ لأنها تشعره بأنه محبوب ممن حوله، وتعزز ثقته بنفسه، ولكن علينا الانتباه من بعيد على نوعية الأصدقاء الذين يرافقهم، وتوجيهه إلى الأفضل.
- الثقة: على الأهل إشعار ابنهم بالثقة به، مما يشعره بالمسؤولية، وحرصه على إرضائهم.
- المساندة: هناك خط رفيع بين المساندة والتحكم، فعندما يطلب المراهق نصيحة بأمر ما، عليكم فقط تقديم النصح، وترك اتخاذ القرار له.
- التواصل: على الأهل الحرص الدائم على الحوارات والنقاشات والحكايات المتبادلة والقصص والنشاطات المشتركة مع أبنائهم، والحرص على الوجود بحياتهم كطرف يتحدث معهم فقط، ولا يلقي الأوامر، مما يجعل من السهل الوصول لما في عقولهم، أو الحديث معهم في بعض المواضيع مثل التدخين أو المخدرات. كما علينا دائمًا تذكر استخدام مهارات الاتصال والتفاوض، بعيدًا عن الصراخ.
- الخصوصية: علينا احترام خصوصية المراهق، ورغبته بالجلوس وحده، أو كتابة مذكراته، أو الاستماع لما يحلو له من الأغاني، وتقبل ذلك برحابة صدر.
تؤثر الأسرة بشكل كبير على تربية البنات منذ الصغر، على خلاف الذكور وذلك؛ لارتباطهن الشديد وانطوائهن في البيت، لذلك تعد الأسرة والجو العام في البيت، من أبرز المؤثرات في بناء شخصية البنات، وبالتأكيد لا ننسى مسؤولية الأم في التربية لبناتها اللواتي يسعين دائمًا لتقليدها بكل تصرفاتها، فهي القدوة بالنسبة لهن.
وهنا سنقدم بعض النصائح لتربية البنات:
- الحرص على الاهتمام بخصوصية البنت، والابتعاد عن النقد اللاذع والمراقبة الدائمة لها، بل العمل على تدعيم الصفات الحميدة لديها، مما يجعلها قادرة على تقبل النقد البناء، ومحاولة التخلص من السلبيات.
- الثقة المنضبطة، المصارحة حتى في المواضيع الحساسة، والحب القائم على الاحترام، وغيرها من الأمور، تساعد على تربية البنات، بعيدًا عن العقد النفسية.
- تساعد استشارة البنات، فيما يناسبهن من قضايا مختلفة، على تعزيز ثقتهن بأنفسهن، وفتح جسور التواصل مع الأهل.
- التدريب على حفظ الأسرار، وخاصة الأمور الأسرية، باعتبار أن هذه الطفلة اليوم ستكون أمًا ومسؤولة عن منزل، عليها الحفاظ على أسراره.
- المساواة بين البنات والذكور، على الأهل عدم التمييز بين البنات والذكور، لما له من أثر سلبي، على نفسية البنت، وتفقدها الثقة بجنسها.
- إعطاء الثقة للبنت باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، التي تواجدت بكثرة في أيامنا هذه، وعدم التخوين، مع الحرص على المراقبة والمتابعة، ولكن عن بُعد.
على الرغم من حرص الأهل الشديد على تربية أبنائهم التربية السليمة؛ إلا أن ثمار هذه التربية، قد تأتي بشكل سلبي على الأبناء، وهنا سنستعرض أبرز أخطاء الآباء مع الأبناء، التي قد يقعوا بها:
- منع الطفل من إظهار عواطفه ومشاعره: يعد تعبير الوالدين عن مشاعرهم أمام أبنائهم من الأمور الضرورية؛ لنساعد أطفالنا وبالأخص المراهقين على إظهار مشاعرهم اتجاهننا.
- عدم توافق نظام تربية الأبناء بين الأم والأب: على الأم والأب التوافق على نظام واحد لتربية الأبناء، وإجراء أي خلافات نقاشية بينهما، بعيدًا عن أعين الأبناء.
- منع مطلق أو حرية مطلقة: يجب إتاحة مساحة من الحرية للطفل، في اتخاذ القرارات، ومناقشة أي موضوع معه، وعدم اتباع أسلوب التسلط من خلال الرفض الدائم، وفي نفس الوقت عدم إعطاء الحرية الكاملة لأبنائنا، مما يجعل من الصعب السيطرة عليهم من جديد.
- الابتعاد عن مقارنة الطفل بأقرانه: على الأهل اليقين التام بأن طفلهم له قدرات مختلفة عن غيره، وعدم بيان أن أقرانه أفضل منه، مما يشعره بالإحباط وعدم الثقة بالنفس.
- الانتقاد الدائم: الكلمات المحبطة مثل: "أنت لا تصلح لشيء" أو "أنت فاشل" لا تعد من أساليب تربية الأبناء الصالحة، لما لها من دور سلبي على نفسية الطفل، والذي سيعتبر نفسه بلا قيمة، وأن وجوده أو عدمه غير مهم.
- الاعتماد التام على الأم في تربية الأبناء: يعد وجود الأب في المنزل، ومتابعة أبنائه في كافة المراحل العمرية، حاجة من حاجات الأبناء، فلا يجوز أن توكل الأم بكافة أمور تربية الأبناء.
- المحاضرات والأوامر بدلًا من اعتماد لغة الحوار: يعد انعدام لغة الحوار بين الأهل والطفل، من أبرز أخطاء تربية الأبناء، وبالتالي يبتعد الأولاد عن الدخول في أي حوارات مع أهلهم؛ لأن النتيجة ستكون جملة من المحاضرات والأوامر.
إليكم أساليب التربية الصحيحة للأبناء؛ لتنعموا بحياة سعيدة مع أطفالكم:
- الابتعاد عن أسلوب التشدد والتسلط في التعامل مع الأبناء.
- الابتعاد عن التضارب في المعاملة، أو بمعنى آخر عدم إيقاع الطفل بالحيرة، بين ما يقوله الأهل في موقف معين، وما يقولونه في موقف آخر.
- الدلال المبالغ به للأطفال في كافة المراحل العمرية، قد يكون له الدور السلبي عند الكبر، حيث يصبح الطفل غير قادر على اتخاذ القرار، بأي شأن من شؤون حياته، حتى البسيطة منها.
- يجب أن يتصف الآباء بالديمقراطية والتسامح وعدم التسلط في التعامل مع أبنائهم؛ مما يساعدهم على الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرار.
- على الأب والأم الاتفاق على أسلوب معين في التعامل مع أبنائهم، بعيدًا عن التضارب في وجهات النظر، وخصوصًا أمام أطفالهم.