النشوة الجنسية عند الأنثى والعوامل المؤثرة بها
لا يعتبر وصول المرأة إلى مرحلة النشوة الجنسية أمراً ضرورياً لإتمام عملية الجماع على عكس القذف لدى الذكر الذي يحرر السائل المنوي وينقل الرجل إلى وضعية الراحة، لذلك كثيراً ما يتم إهمال النشوة الأنثوية واعتبارها أمراً ثانوياً بالرغم من كونها أمراً ممتعاً ومفيداً بالنسبة للمرأة.
ولايزال موضوع الإثارة الجنسية بالنسبة للمرأة مثار جدل علمي واسع حتى اليوم، لأن الأطباء حول العالم ما زالوا في حيرة حول الوسائل المتنوعة التي قد تؤدي إلى وصول المرأة إلى النشوة، ناهيك عن العوائق التي يمكن أن تمنع المرأة من الشعور بالسعادة لدى ممارسة الجنس.
بغض النظر عمّا سبق يتفق الجميع على أن النشوة الجنسية عملية حيوية معقدة تحدث على مستوى كامل جسد المرأة من الرأس حتى أخمص القدمين، فكيف يتم التمهيد لها؟ في هذا المقال سنتعرف إلى بعض الحقائق المتعلقة بالنشوة لدى النساء، إضافة إلى بعض المغالطات الشائعة حولها.
مراحل الإثارة الجنسية لدى المرأة
تمر الاستجابة الجنسية لدى المرأة منذ بداية العملية الجنسية بـ 4 مراحل تجري على الشكل التالي:
- مرحلة الاستثارة الجنسية (Excitement): تبدأ هذه المرحلة عند التمهيد للعملية الجنسية، وتبدأ المرأة بالاستجابة للتنبيهات الجسدية الجنسية، كما أن الدم يتدفق إلى النقاط الحساسة مثل البظر (Clitoris) والمهبل وحلمتي الثديين؛ مما يولد شعوراً عاماً بارتفاع الحرارة، ويرتفع ضغط الدم وعدد نبضات القلب في هذه المرحلة.
- مرحلة الاستقرار (Plateau): في هذه المرحلة تزداد الإثارة الجنسية بشكل تدريجي ومستقر تمهيداً للنشوة، ويحتقن الثلث الخارجي من المهبل بسبب ازدياد جريان الدم ضمنه، ما يضعه في حالة تمهيدية تدعى باسم المنصة الإيغافية (The Orgasmic Platform)، هنا يؤدي التركيز على الإحساسات الجنسية إلى حجب كل أشكال الإحساسات الأخرى، كما يستمر نبض القلب وضغط الدم بالازدياد.
- النشوة أو الإيغاف (Orgasm): سلسلة من التقلصات المتزامنة التي تحدث في عضلات جسم المرأة مثل الرحم والمهبل وجدار منطقة الحوض، إضافة إلى تقلصات عشوائية في مختلف عضلات الجسم مثل انكماش اليدين والأصابع وتشنج القدمين، يتلو ذلك شعور بالدفء ينتشر من الحوض ويشمل كافة جسد المرأة.
- مرحلة الراحة (Resolution): في هذه المرحلة يسترخي جسد المرأة، ويتناقص جريان الدم في الأعضاء الجنسية، كما يعود ضغط الدم ومعدل ضربات القلب إلى القيم الطبيعية.
تحقيق النشوة الجنسية عند المرأة
يتميز جسم المرأة عن الرجل بكونه قادراً على الوصول إلى مرحلة النشوة أكثر من مرة بشكلٍ متتالٍ، على عكس الذكر الذي يحتاج إلى فترة من الراحة لا تقل عن عشرين دقيقة في الأحوال الطبيعية.
أما عن الوسائل المؤدية إلى تحقيق النشوة فيبدو أن البظر (Clitoris) أسرع هذه الطرق وأكثرها نجاحاً؛ لأن تركيب البظر لدى الأنثى يقابل إلى حد كبير تركيب العضو الذكري لدى الذكر، كما يبدو أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو ما يدعى باسم ختان الإناث -الذي يتضمن قطع البظر بشكل جزئي أو كامل- يؤدي إلى عرقلة عملية الاستثارة الجنسية لدى المرأة، أو حتى حجزها عن الوصول إلى النشوة طوال حياتها.
أما المهبل فهو سبيل إضافي لتحقيق النشوة بالرغم من عدم كونه حساساً بقدر البظر، وبالحديث عن المهبل والإثارة الجنسية لا بد أن نذكر منطقة الـ (G-Spot) الغامضة التي تقع على الجدار الأمامي للمهبل (خلف عظم العانة تماماً)، إذ يعتقد العديد من الباحثين أن هذه المنطقة مسؤولة عن النشوة الجنسية التي تصل إليها المرأة لدى القيام بالجماع، لكن دور هذه البقعة غير مفهوم تماماً، كما يُعتقد أن بعض الإناث يولدن دون وجودها لديهن.
يمكن للمرأة أيضاً أن تصل إلى النشوة عن طريق تنبيه مناطق أخرى من الجسم مثل الثديين، أو حتى عن طريق التخيلات الجنسية دون وجود أي ملامسة جسدية من قبل شخص آخر أو حتى مداعبة المرأة لجسدها.
يعلم الجميع أن الحديث حول المواضيع الجنسية (وإن كان من ناحية علمية وطبية) أمر غير مستحب وقد يعتبر مرفوضاً أو معيباً في مجتمعاتنا، لذلك لا تتوفر المعلومات الحقيقية المتعلقة بالصحة الجنسية للجميع، وتنتشر الخرافات والإشاعات المغلوطة التي لا تملك أساساً من الصحة، لذلك سنحاول الآن توضيح بعض المفاهيم المتعلقة بالنشوة الأنثوية:
- قاعدة الإبهام: تنص هذه القاعدة على أن احتمال وصول المرأة إلى النشوة الجنسية عن طريق ممارسة الجماع التقليدي (الجنس المهبلي) يتعلق بالمسافة بين الفرج والبظر، كلما كانت هذه المسافة قصيرة يزداد هذا الاحتمال، وهذا لأن ازدياد هذه المسافة يؤدي إلى عدم تنبيه البظر بشكل كافٍ أثناء القيام بالجماع.
- بعض النساء يصلن إلى النشوة خلال النوم: تدعى هذه الحالة باسم الإيغاف الليلي (Nocturnal Orgasm) وهي تقابل الاحتلام الليلي لدى الذكر، حتى أن تقريراً نشره موقع (Daily Mail) البريطاني ذكر أن الأحلام الرطبة ليست حكراً على الرجال كما هو شائع، فقد مرت بها 37% من النساء حول العالم مرة واحدة على الأقل.
- النشوة الأنثوية وحجم القضيب: تعتبر العلاقة بين حجم القضيب وازدياد الرضى عن الجنس أمراً غير متفق عليه بشكل كامل، ففي حين لا يؤدي حجم القضيب الكبير إلى ازدياد احتمال وصول المرأة إلى النشوة عبر الجماع التقليدي يتميز العضو الذكري كبير الحجم بقدرته على تنبيه عنق الرحم عند ممارسة الجنس، وهذا ما يمكن أن يقود المرأة إلى النشوة أو يساعدها في الوصول إليها.
- الواقي الذكري لا ينقص من إثارة المرأة: من المعروف أن الواقيات الذكرية قد تؤدي إلى نقص إحساس الرجل بعضوه الذكري، مما يسبب رفض بعض الرجال لها لأنها تحرمهم من التمتع بالجنس إلى حد ما، أما بالنسبة للنساء فهي لا تؤدي إلى تأثيرات سلبية إنما يبقى الشعور نفسه مع الواقي أو بدونه، علاوة على فائدة المواد المرطبة الموجودة على الواقي الذكري في جعل الإيلاج أكثر سلاسة وأقل ألماً بالنسبة للمرأة.
- الأطعمة المفيدة: ترتبط الغريزة الجنسية لدى النساء بهرمون التستوستيرون (Testosterone) الذي يعرف أيضاً باسم هرمون الذكورة لأنه مسؤول عند الذكور عن تشكيل الصفات الجسدية الذكرية مثل نمو شعر الجسم والوجه وخشونة الصوت.. وهناك العديد من الأطعمة التي ترفع مستوى التستوستيرون الحر في جسم المرأة، وهي الأغذية الغنية بالبروتينات والحاوية على الكربوهيدرات بكمية ضئيلة، ومن أمثلتها منتجات الألبان والبيض ولحوم الدواجن.
عدم القدرة على الوصول إلى النشوة
هناك العديد من المشاكل الجسدية التي تمنع المرأة من تحقيق النشوة الجنسية، لكن أغلب الباحثين متفقون على كون جزء كبير من هذه الحالات ناجم عن أسباب نفسية، ربما تكون المرأة غير قادرة على الاسترخاء والتركيز على الاستمتاع بالعلاقة الجنسية إذا اعترتها مشاعر الخوف أو القلق أو الذنب.
قد يبدو هذا الأمر عديم الأهمية بالنسبة إلى البعض لكن العلاقة الجسدية جزء لا يتجزأ من الحياة الزوجية ولا يجب إهمالها على حساب الجوانب العاطفية أو الفكرية، لذلك يفضل دوماً أن تجري المرأة فحصاً جسدياً عاماً لاستبعاد المشاكل الجسدية التي قد تؤدي إلى اضطراب آليات تحقيق الاستثارة والنشوة الجنسية، أما إذا لم يظهر أي اضطراب جسدي، يمكن أن يستفيد الرجل والمرأة من مواضيع التوعية الجنسية لكي يتعلما أفضل السبل للوصول إلى السعادة والرضى الجسديين.
وفي الختام.. بقي أن نشير إلى أن الرغبة الجنسية ليست أمراً فاسداً أو شريراً بحد ذاتها ولا يجب النظر إليها على هذا الأساس، لأن هذه الغريزة هي ما يدفع جميع المخلوقات الحية لتحمل مشاق النشاط الجنسي الذي قد يكون مؤلماً، إضافة إلى ما يليه من حمل وولادة في سبيل إنجاب أجيال جديدة ورعايتها.