علاج داء ألزهايمر والتعايش معه
داء ألزهايمر (Alzheimer’s Disease) هو مرض عصبي مزمن يحدث فيه تغيرات عقلية متفاقمة وتراجع في ذاكرة المريض وقدرته على المحاكمة المنطقية، مما يقود في النهاية إلى الخرف عند الشخص المسن (هو السبب الأهم والأكثر شيوعاً للخرف حول العالم)، هناك طيف واسع من الأعراض المرتبطة بهذا المرض والتي تظهر بترتيب مختلف لدى كل مريض لذلك يمكننا اعتباره تجربة فريدة وخاصة لكل مريض، ومن المؤكد أنه يحمل المريض وعائلته عبئاً نفسياً ثقيلاً، ويقود إلى الكآبة والانعزال الاجتماعي أو حتى محاولات الانتحار.
في هذا المقال سنتحدث عن بعض الطرق التي يمكن من خلالها للعائلة أن تساعد المصاب، بالإضافة إلى تجارب بعض المصابين مع المرض.
ما هي الأدوية المستخدمة في علاج المرض؟ وما هي فائدتها؟
تفيد أدوية ألزهايمر إلى حد ما في تخفيف الأعراض المتعلقة بضعف الذاكرة والقدرات العقلية، وهناك مجموعتان دوائيتان تستخدمان اليوم في علاج الأعراض العقلية والمعرفية:
- مضادات الكولين إستراز (Cholinesterase Inhibitors): تفيد هذه الأدوية في تحسين التواصل بين الخلايا العصبية عن طريق زيادة مستوى الناقل الكيميائي أسيتيل كولين (Acetyl Choline) والذي يكون منخفضاً في حال الإصابة بداء ألزهايمر.
تفيد هذه الأدوية في تحسين الأعراض العصبية والنفسية مثل الهياج أو الاكتئاب، أما أعراضها الجانبية الشائعة فتشمل الإسهال والغثيان ونقص الشهية واضطراب النوم، كما يمكن أن تسبب اضطراباً في نظم القلب لدى بعض المرضى لذلك يجب إجراء استشارة قلبية قبل البدء بها، ومن هذه الأدوية ريفاستيغمين (Rivastigmine)، غالانتامين (Galantamine) ودونيبيزيل (Donepezil).
- ميمانتين (Memantine): يعمل هذا الدواء على شبكة مختلفة للتواصل بين الخلايا الدماغية ويمكن أن يبطئ تطور الأعراض وتدهورها في الحالات المتوسطة والشديدة من المرض، يمكن أن يستخدم بالمشاركة مع المجموعة الدوائية سابقة الذكر، كما تعتبر أعراضه الجانبية نادرة نسبياً وتشمل الدوار والتشوش الذهني.
إضافة إلى الأدوية الرئيسية، يمكن أن تفيد مضادات الاكتئاب مثلاً في تحسين الأعراض السلوكية والنفسية المترافقة مع داء ألزهايمر.
يعلم الجميع أن العلاج الدوائي لوحده لا يملك الفعالية الكافية للتعامل مع التغيرات العصبية والعقلية الحاصلة، ولذلك يمكن الاعتماد على بعض المهارات والنصائح اليومية لعيش حياة طبيعية ومريحة، وسنذكر الآن بعضاً من هذه النصائح التي أثبتت فعاليتها بشهادة الكثير من المرضى.
إيجاد بيئة آمنة وداعمة للمريض
يعتبر التأقلم مع ظروف الحياة الجديدة للشخص المصاب أمراً أساسياً في وضع أي خطة علاجية، وفي حالة داء ألزهايمر يكون مفتاح الحل هو إيجاد روتين يومي والتقليل قدر الإمكان من حاجة المريض للقيام بمهام تعتمد على الذاكرة، يمكن أن تساعد هذه الخطوات في تسهيل الحياة اليومية لمريض ألزهايمر:
- أبقِ المستلزمات الشخصية مثل المفاتيح ومحفظة النقود والهاتف المحمول وباقي الممتلكات القيمة في مكان واحد معروف في المنزل حتى لا تضيع وقتاً في البحث عليها.
- حافظ على الأدوية في مكان آمن، واصنع لائحة يومية للأدوية من أجل تنظيم مواعيد الجرعات.
- احمل هاتفاً نقالاً مزوداً بخدمة تحديد المواقع، حتى يتمكن أفراد العائلة من تحديد موقعك إذا لزم الأمر.
- احفظ أرقام أفراد العائلة كأرقام طوارئ يمكن الاتصال بها فوراً عند اللزوم.
- حاول أن تنظم مواعيدك بحيث تجمعها في نفس اليوم وبشكل متتال حتى تقوم بها دفعة واحدة ولا تنساها.
- استخدم تقويماً كبيراً أو ارسم تقويماً على لوح أو قطعة كرتون كبيرة لتنظيم المواعيد اليومية وتسجيلها بحيث لا يمكن نسيانها.
- تأكد من كون الأحذية الخاصة بك مريحة وغير قابلة للانزلاق على السطوح الملساء أو المبللة.
- قلل من عدد المرايا في المنزل قدر الإمكان، يبدو أن مرضى ألزهايمر يصابون بالارتباك والقلق لدى رؤية أنفسهم في المرآة.
- يفضل وضع الصور الفوتوغرافية العائلية والأشياء التي تحمل قيمة معنوية في مختلف أنحاء المنزل من أجل تنشيط عملية تذكر الأحداث والأشخاص المقربين من العائلة.
- استخدم نقاط القوة المتاحة لديك، حافظ على مصادر السعادة في حياتك اليومية إن كانت هذه المصادر هي الأصدقاء، الأقارب، الطبيعة، الموسيقا أو الحيوانات الأليفة.
دور النشاط الجسدي الرياضي في علاج داء ألزهايمر
تعتبر الرياضة المنتظمة جزءاً هاماً من خطة العلاج، إذ يمكن للنشاطات الجسدية مثل المشي كل يوم أن تساعد في تحسين المزاج والحفاظ على صحة المفاصل والعضلات وحتى القلب والدورة الدموية، كما تفيد الرياضة في التخفيف من بعض أعراض ألزهايمر مثل اضطرابات النوم والإمساك المزمن.
يمكن للمسنين المصابين بداء ألزهايمر الاستمرار بممارسة الرياضة حتى في حال عدم القدرة على المشي، وذلك من خلال التدرب على دراجة ثابتة أو ممارسة تمارين الكرسي التي يتحرك فيها الشخص المسن قدر الإمكان وهو جالس في كرسيه، وهناك الكثير من الأمثلة المنتشرة عن هذه التمارين على التلفزيون أو الإنترنت
خصوصيات النظام الغذائي في داء ألزهايمر
من المعروف أن مريض داء ألزهايمر معرض لسوء التغذية بشكل كبير وذلك لأنه قد ينسى تناول الطعام، أو يفقد الرغبة بإعداد الطعام، أو يتناول أطعمة غير متنوعة ومفيدة بشكل كاف، كما أن هؤلاء الأشخاص معرضون للإمساك والتجفاف الخطير بسبب عدم شرب كمية كافية من الماء، ولهذا تعتبر هذه القواعد أساسية في تغذية المريض:
- الطعام الصحي: لدى شراء المواد الغذائية من أجل مرضى ألزهايمر عليك اختيار أطعمة صحية متنوعة من الأطعمة التي يحبها المريض حتى يكون لديه رغبة في الأكل.
- الماء والمشروبات الأخرى: حاول أن تتأكد من كون مريض ألزهايمر يشرب عدة كؤوس من الماء أو المشروبات الأخرى كل يوم، تجنب المشروبات الحاوية على الكافيين، والتي يمكن أن تزيد التوتر والهياج، تسبب اضطراباً في نظام النوم أو رغبة متكررة بالتبول.
- الطعام الرخو والغني بالسعرات الحرارية: من المعروف أن المأكولات التي لا تحتاج إلى مضغ هي المفضلة لدى المسنين وخاصة لدى المصابين بداء ألزهايمر الذي قد يترافق مع صعوبات في البلع، وهذا يطرح تحدياً جديداً هو محاولة إدخال جميع العناصر الغذائية الضرورية للجسم بهذه الطريقة، وهنا يمكن الاعتماد على أنوع الشوربات المختلفة مع الحرص على طهو المكونات جيداً، والاستعانة بالمكملات الغذائية مثل بودرة البروتينات أو أقراص الفيتامينات.
التواصل الاجتماعي المستمر أمر ضروري
يمكن للتواصل الاجتماعي والنشاطات الاجتماعية المختلفة أن تساعد على تطوير القدرات والمهارات الاجتماعية التي لا يزال المريض محتفظاً بها، ولذلك تتحسن الصحة العامة النفسية والاجتماعية لمريض ألزهايمر لدى القيام بالنشاطات المسلية والمفيدة، ومن هذه النشاطات نذكر:
• ممارسة الحرف اليدوية.
• القراءة أو الاستماع إلى الكتب.
• الاستماع إلى الموسيقا والرقص.
• ممارسة النشاطات الترفيهية مع الأطفال مثل قراءة القصص أو النزهات..
• الاجتماع مع أفراد العائلة بشكل متكرر وخاصة في المناسبات.
كيف تتمكن من مساعدة المريض والتأقلم مع هذه المهمة؟
نعلم أن العناية بالمريض المصاب بداء ألزهايمر قد يكون أمراً مرهقاً من النواحي الجسدية والعاطفية والمادية على حد سواء، إذ يشغل هذا الواجب اليومي وقت الشخص القائم على رعاية المريض، ويولد لديه مشاعر الإحباط والتوتر والعجز بسبب رؤية أحد الوالدين أو الأقارب في هذا الحال المحزن.
لهذه الأسباب، يجب ألا ينسى القائم على العناية بمريض ألزهايمر أن صحته أمر مهم أيضاً، وجسده لديه حق عليه، حتى أن الحفاظ على حالة صحية ونفسية جيدة هي من أهم الخدمات التي يمكن أن يقدمها الشخص لنفسه أولاً، وللمريض الذي يسهر على رعايته ثانياً.
في حال كنت ترعى شخصاً مصاباً بداء ألزهايمر قد تكون النصائح التالية مفيدة لك:
- احصل على معلومات كافية قدر الإمكان عن المرض وأعراضه والتغيرات التي تحدث لدى المريض.
- في حال مواجهة أي استفسار لا تتردد في طلب المشورة من الطبيب أو من ذوي الخبرة في مراكز عناية المسنين أو الأصدقاء الذين مروا بتجارب مماثلة.
- اطلب المساعدة من أحد أفراد العائلة إذا شعرت بأنك غير قادر على أداء المهمة لوحدك.
- خذ استراحة ورفه عن نفسك لبعض الوقت كل يوم.
- اقضِ وقتاً مع أصدقائك عند الإمكان.
- لا تهمل صحتك الشخصية والتزم بعادات صحية سليمة من نظام غذائي جيد وممارسة الرياضة، إضافة إلى عدم التأخير في مراجعة أطبائك عند الحاجة.
- يمكنك الاستعانة بمراكز رعاية المسنين التي تقدم خدمات محدودة أو شاملة لهذا النوع من الحالات.
وفي الختام.. يبقى العلاج الأفضل لمريض ألزهايمر هو بقاء العائلة والأصدقاء بجانب المريض، وإبقاؤه ضمن الوسط الأسري في المناسبات والنشاطات الاجتماعية فهذا يحميه من العزلة والاكتئاب، كما يبقي ذهنه في حالة من النشاط ويحافظ على القدرات العقلية والعاطفية.