إدارة الوقت وطرق تنظيم الوقت
مع نهاية كل عام... يتبادر إلى ذهنك السؤال إياه: "هل قمت بما علي القيام به خلال هذا العام؟ هل سيكون العام القادم أفضل؟"، وحيث أن كل شيء يتعلق بالوقت.. نشعر أحياناً أننا مستعبدين من قبل الساعات والأيام والشهور والسنين التي تمضي.. فأنت تعرف هذا الإحساس الجميل، الذي ينتابك عندما تتحكم أنت بوقتك، وهو ما سنتحدث حوله خلال هذا المقال، كما سنركز معاً على الطرق التي تساهم في كسب المزيد من الوقت للمرح وعيش الحياة التي تحبها، في المحصلة.. جعل جهودك أكثر فعالية، سواء في العمل أو الدراسة.
إدارة أنفسنا من خلال الوقت!
عادةً ما يتم تعريف فكرة إدارة الوقت؛ على أنها قدرة الفرد على استخدام الوقت بطريقة منتجة وفعالة، خاصة في حالات مثل: الدراسة والعمل، مع ذلك يقول مستشار الإنتاجية ومخترع طريقة "إنجاز الأشياء" ديفيد ألين (David Allen): "إن إدارة الوقت هي مصطلح مضلل، بحيث لا يمكنك إدارة الوقت على أي حال، لكن الوقت قد حان فقط"، لذا يمكنك "إدارة نفسك خلال هذا الوقت، وفعلياً إن ما تديره هو انتباهك وتركيزك".
كل واحد منا لديه نفس القدر من الوقت في كل يوم، بحيث لا توجد طريقة لتخزين أو للاقتراض أو لحفظ أو لزيادة الوقت؛ الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله هو أن نقرر كيفية استخدامه، ونحن جميعا نريد أن نستخدم الوقت في الأنشطة ذات القيمة الأعلى بدلاً من تلك التي تأخذ جهدنا هباء، ثم أن ما يتوصل إليه الجميع هو أن إدارة الوقت ما هي إلا لعبة خيارات، بعبارة أخرى.. معرفة كيفية إدارة أنفسنا خلال الوقت الذي نمتلكه بشكل يومي فأسبوعي وهكذا.
فنحن نعمل باستمرار على الضغط لأكبر عدد ممكن من المهام خلال يومنا، في الواقع يتعلق الأمر بتبسيط طريقة عملنا، كذلك إنجاز الأمور بشكل أسرع وفعل الأشياء بشكل أفضل، ومن خلال القيام بذلك سيكون لديك المزيد من الوقت للمرح والراحة والقيام بالأشياء التي تحبها... أليس هذا ما نريده جميعاً؟ فبدلاً من العمل بجدية أكبر، جرّب الاستثمار في العمل بشكل أكثر ذكاءً، (سنتحدث عن ذلك بالتفصيل في مقال مفصل حول تحسين الإنتاجية).
ألّف كتاب إدارة الوقت الخاص بك
لكل شخص طريقته في إدارة يومه ووقته، لذلك لا بد أن تتذكر هذا وأنت تخطط طريقتك لقضاء وقتك واستغلاله بحكمة، لأن تقنيات إدارة الوقت أو الإدارة الذاتية، التي أجدها مفيدة في حياتي، قد لا تجدها أنت كذلك في حياتك، ولهذا عليك أن تبني تلك الخطة، التي تعمل من أجلك وعملك وحياتك، كذلك عليك أن تسعى إلى تحسين ممارساتك الخاصة بالوقت بشكل دائم؛ عن طريق التفكير بانتظام في كيفية تحسين إدارة نفسك (التصرف بالوقت واستغلاله بحكمة).
عندما تقوم بتأليف كتاب قواعد إدارة الوقت الخاص بك؛ ستجد أن هناك ساعات كافية في كل يوم لكل ما تريد القيام به (العمل والعائلة والإنجاز والمرح والتسلية كذلك الراحة)، بطبيعة الحال.. يستغرق الأمر قليلًا من إعادة الترتيب وإعادة التخيّل للعثور على ما تريده وما يناسب حياتك وشخصيتك.
المبادئ والقواعد المهارات الخاصة بإدارة الوقت
ستتعرف تالياً على مزيج من المبادئ والقواعد والمهارات التي تسمح لك بوضع تركيزك على الأشياء المهمة، كما سيسمح لك بإنجاز المزيد من المهام ومساعدتك على زيادة إنتاجيتك، من خلال إدارة وقتك بحكمة:
- خطط وفقاً لمستوى الطاقة لديك: ترتبط الإنتاجية مباشرة بمستواك من الطاقة، لذا تعرف على نفسك واعثر على ساعاتك الأكثر إنتاجية، عندما تعرف ذلك خطط عملك وفق تلك الفترات، قم بجدولة هذه الطريقة بحيث تقوم أولاً بمهمة عالية القيمة وتحتاج إلى مستوى طاقة عالي، ثم تتبعها بمهام منخفضة القيمة وبالتالي منخفضة الطاقة، على سبيل المثال أنا أكثر نشاطاً في الصباح، لذلك أقوم بعملي الأكثر أهمية من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثالثة بعد الظهر، أعلم أنه بعد تناول وجبة الغداء سينخفض مستوى طاقتي قليلاً، لذا فهو وقت رائع لتصفح البريد الإلكتروني والإنترنت وإجراء بعض المكالمات الهاتفية أو القراءة، من الجيد أيضاً معرفة مستويات الطاقة لديك يومياً، وإذا لم يكن لديك دليل فقم بتعيين مستوى عملك ومستويات طاقتك في جدول بيانات لبضعة أسابيع حتى تحدد أنماط إدارة الذات وبالتالي إدارة الوقت الأكثر مثالية بالنسبة لك.
- تحديد عملك الأكثر أهمية: الأفضل معالجة ذلك أولاً، حيث تخلق هذه المهمة الأثر الأكبر لتقدمك في عملك، عندما تحدد مهام عملك الأكثر أهمية وقيمة بالنسبة لك وتقوم بها؛ سيعطيك الزخم والشعور الهائل بالإنجاز في وقت مبكر من اليوم، مما يجعل بقية يومك مثمراً، كما أن هذه هي الطريقة التي يمكنك من خلالها تحقيق أهداف الحياة الكبيرة، يوماً بعد يوم مع بذل جهود متواصلة، فانظر إلى قائمة "المهام" الخاصة بك وحدد المهام التي تساعدك على الاقتراب من أهدافك وإحراز تقدم في العمل الفعّال، ضعها في أعلى قائمتك اليومية، بحيث يمكنك التركيز عليها أولاً ومقاومة إغراء معالجة أسهل المهام في بداية يومك.
- اضبط قيودك الخاصة للوقت: تعلّم كيفية تحديد مواعيد نهائية (Deadlines)، لأنك تصبح أكثر إنتاجية عند تخصيص مقداراً محدداً من الوقت لإكمال مهمة معينة، ينص قانون باركنسون على ما يلي: "يتوسع العمل ليملأ الوقت المتاح لإنجازه"، بعبارة أخرى.. إذا قمت بتحديد الوقت اللازم لإكمال مهمة ما بموعد نهائي؛ فإنك تجبر عقلك على التركيز وإكمالها على الوقت تماماً، بطبيعة الحال.. حدد مواعيد نهائية حتى عندما لا تحتاج إلى ذلك، فما يحدث هو أنك تجبر عقلك على التركيز، وبهذه الطريقة تخلق إحساساً بالإلحاح؛ يدفعك إلى التركيز وتكون أكثر فاعلية في العمل، وحتى إذا انتهى بك المطاف إلى إضافة المزيد من الوقت لاحقاً.. على سبيل المثال: عندما أقوم بتحرير وتدقيق مقال قمت بكتابته في يوم سابق (وهي مهمة تستغرقني عادةً حوالي 60 دقيقة)، أقوم بتقليل الوقت المتاح إلى 40 دقيقة، وألحّ على نفسي حتى أتمكن من زيادة تركيزي على العمل بأقصى ما في وسعي لإنهائه خلال 40 دقيقة، إضافةً إلى ذلك فإن معرفة أنني لا أملك سوى 40 دقيقة لإكمال التحرير؛ سيضمن أنني لن أضيع 20 دقيقة في التحقق من ردود الفعل على المقال بعد نشره.
- تجاهل كل عوامل التشتت من حولك: تخلص من جميع عوامل التشتت المحتملة، لأنها ستؤذي الإنتاجية والتركيز، حيث وجدت دراسة من جامعة كاليفورنيا، "أن الأمر يستغرق في المتوسط 23 دقيقة و15 ثانية للرجوع إلى المهمة بعد تشتيت الانتباه"، بالإضافة إلى ذلك.. لنفترض أنك حققت تركيزك على العمل ولكنك تعطلت؛ يمكن أن يستغرق الأمر ضعف وقت العودة إلى الإيقاع، فنصف ساعة وأنت مركز بالكامل على مهمة ما، هو أمر أكثر إنتاجية من ساعتين للتبديل بين المهام، في هذه الأثناء حاول التغلب على الانحرافات عن عملك لتجنب تبديل المهام، على سبيل المثال: زميلك يحتاج المساعدة في أداء مهمة ما؛ أنجرت مثيلها في السابق، فماذا تفعل؟ هل تترك عملك لتساعده؟ أم تؤجل ذلك وتبقي تركيزك على ما تقوم به الآن، حتى تنتهي ثم تساعد هذا الزميل؟.. إن الخيار لك، لكن تذكر أن الوقت الذي ستقضيه للعودة بتركيز إلى إنجاز مهمتك الرئيسية؛ هو نقطة الفصل في اتخاذ قرارك.
- قم بالعمل من خلال أجندتك ومفكرتك اليومية: اخترت مؤخراً العمل من التقويم بدلاً من قائمة المهام اليومية، وما وجدته مفيداً.. أن التقويم يجبرني على إعادة التفكير في عملي من قائمة المهام وفق الوحدات الزمنية، إنه تغيير بسيط لكنه يزيد من فرصة إنجاز الأمور وفق وقت محدد، وفي الأساس قائمة المهام اليومية هي المكان الذي تدرج فيه وتعرض؛ (ما هي) أنشطتك، بينما التقويم هو المكان الذي تحدد فيه (متى ستفعل) هذه الأشياء و(كم من الوقت) يلزمك لإتمامها.. وإليك سبب نجاح العمل وفق المفكرة اليومية: كلما خططت وجدولت لوقتك مع الهدف؛ كلما قلّ الوقت الذي يأخذه منك الآخرون من خلال جدولك الزمني (القضاء على التشتت)، لذا افعل ذلك بتمعن واترك مساحة كافية للقيام بمهام غير متوقعة تتطلب منك اهتماماً فورياً وعاجلاً أو ملحاً، بطبيعة الحال.. لا توجد طريقة يمكنك الحصول عليها بشكل صحيح على الفور، لذا احرص على تحريك الأشياء وإعادة جدولتها عند الحاجة كلما تقدمت في موضوع التحكم بوقتك.
التمتع بوقتك هو وقودك لعيش هذه الحياة
كلنا نريد قضاء المزيد من الوقت في فعل الأشياء التي نستمتع بالقيام بها، وهذا يشمل عملنا.. فالعمل يمكن بل ويجب أن يكون ممتعاً، لكن في الوقت الحاضر من السهل جداً الانغماس في انشغالنا بالعمل وننسى الاستمتاع بما نفعله، لذلك استخدم الوقت الذي تستطيع توفيره من خلال تنظيم ذاتك وانضباطك أثناء وقت العمل؛ في الأنشطة التي تقيّمها على أنها الأهم في حياتك مثل: قضاء بعض الوقت مع عائلتك، أو زيارة صديقك العزيز الذي يفتقدك، أو ممارسة هواية تحبها، كذلك في تعلم مهارة جديدة، في المحصلة.. سوف تصبح المتعة التي ستنتج عن هذه الأنشطة وقود إنتاجيتك في العمل، كذلك مصدراً إضافياً للمتعة في حياتك اليومية بعيداً عن الروتين، وليكن الوقت كما بقية الأشياء التي تمتلكها وتستطيع التحكم بها.
في النهاية... لكل منّا مفتاحه الخاص في معرفة أفضل الطرق لإدارة الوقت بفاعلية، لكن عليك أن تتذكر أنك أنت من يتحكم بالوقت وليس الوقت هو ما يتحكم بك، عندما تدرك هذه الحقيقة وتعمل وفقاً لها فإن الوقت سيكون بالنسبة لك؛ لعبة العيش كما تريد وتشتهي، فلن تقول كيف تدير وقتك.. بل كيف تدير نفسك؟.. فهل لديك أي نصائح أخرى؟.. وهل تجد المتعة في ما تفعله؟.. وأخيراً ما رأيك بما قرأته في المقال؟ شاركنا من خلال التعليقات.