ما هو دواء الروكتان؟ الروكتان وآثاره الجانبية
اكتسب دواء الروكتان في السنوات القليلة الماضية شهرة واسعة عند الحديث عن علاج حب الشباب ولاسيما الحالات المعندة والصعبة منه، ومع كثرة التجارب الشخصية في استخدام هذا الدواء ينصح بعض المرضى به ويروون عن حصولهم على نتائج رائعة بينما يذهب البعض الآخر إلى الحديث عن معاناتهم مع آثاره الجانبية المزعجة والتي لم تكن قابلة للتحمل، ما بين رواية كل من هؤلاء انتشر لغط كثير حول الدواء واستخدامه تجعل من يوصف له يقع في حيرة من أمره. لذلك كان من الضروري توضيح بعض الأمور والحديث عنها بشكل مفصل في هذا المقال.
مم يتركب دواء الروكتان؟ وما هي طريقة عمله؟
يتركب الدواء بشكل رئيسي من مادة الإيزوتريتونوين (Isotretinoin) والتي تشتق من الفيتامين A، وهو الفيتامين ذو الدور الأهم في تجديد طبقات البشرة المبطنة للسطوح المخاطية في الجسم (باطن الأنف، باطن الأمعاء....) بالإضافة إلى دوره في إنقاص كمية الدهون المفرزة من الغدد الدهنية داخل الجلد وهو الذي يستفاد منه هنا في علاج حب الشباب، إذ تسد هذه المفرزات مسام الجلد وتجعلها بيئة ملائمة لتكاثر الجراثيم فيها وحدوث التهاب موضع على شكل بثور.
كما تعمل مادة الإيزوتريتونوين على تسريع انقسام خلايا البشرة وتقشر طبقاتها السطحية مما يساعد في إزالة الخلايا الميتة والمواد الدهنية اللزجة التي تسد المسام.
متى نلجأ إلى دواء الروكتان لعلاج حب الشباب؟
لا يعتبر الروكتان علاجاً روتينياً أوخطاً أولاً في علاج حب الشباب بل يلجأ الأطباء إلى استخدامه في الحالات التالية:
- الحالات التي تفشل فيها العلاجات المبدئية مثل المضادات الحيوية عبر الفم ومراهم التقشير الخفيفة الموضعية والمعقمات والمطهرات المختلفة.
- حالات حب الشباب المعاود لأكثر من مرة بعد تطبيق العلاجات السابقة وغالباً ما يكون وصفه هنا نظراً لرغبة المريض في حل نهائي للمشكلة المعندة وملله من تطبيق العلاجات الموضعية في كل مرة.
- حب الشباب من الشكل المكبب: تعتبر هذه الحالة هي الأشد من بين أشكال حب الشباب الكثيرة، حيث يتجمع فيها القيح (المفرزات الالتهابية) في بثور كبيرة وعميقة تظهر بشكل متتال في جميع أنحاء الوجه وأحياناً منطقة الظهر وأعلى الصدر، تشفى هذه البثور الكبيرة بعد فترة تاركة مكانها ندبات واضحة على سطح الجلد، وهنا يكون الإيزوتريتونوين هو الخيار الوحيد والعلاج الأمثل لإيقاف ظهور مثل هذه البثرات المشوهة للجلد وتقشير سطحه للتخفيف من عمق الندبات التي سبق وتشكلت وليس إزالة أثرها بالمطلق.
ما هي الآثار الجانبية التي قد يعاني منها المريض أثناء تناول الدواء؟
يملك دواء الروكتان الكثير من الآثار الجانبية المزعجة والتي تشمل أجهزة الجسم المختلفة، ولعلها المسبب الأكبر لسمعة هذا الدواء السيئة لدى الكثيرين وخوف المرضى من تناوله على الرغم من فوائده العظيمة وإحداثه لثورة في مجال علاج حب الشباب، من أكثر الآثار الجانبية شيوعاً هي:
- جفاف الفم وتشقق الشفتين والفم: فقد ذكرنا سابقاً أن المادة الفعالة في الدواء تقوم بإنقاص المفرزات التي تقوم بترطيب الجلد ولاسيما منطقه الشفاه وما يجاورها، لذلك تبدأ الشفاه بعد مرور عدة أيام على العلاج بالتجفاف لينتهي الأمر بالتشقق الذي يكون مؤلماً ونازفاً أحياناً، ويشمل الجفاف أيضاً مخاطية الأنف فتصبح شاحبة وهشة سهلة النزف مما يسبب رعافاً متكرراً من الأنف مع أي رض بسيط أو حتى عفوياً وقد تعاني مناطق الوجه الأخرى أيضاً من الجفاف فتصبح حاكة ومتهيجة وحساسة لأشعة الشمس.
- جفاف العين من الدمع: الأمر الذي يؤدي إلى التهاب في الملتحمة والأجفان بالإضافة إلى تدنٍّ مؤقت في القدرة البصرية لأن الطبقة التي يشكلها الدمع على سطح العين ضرورية للرؤية الواضحة.
- تساقط الشعر: عند تناول الروكتان يحصل ما يدعى بـ الحاصة (وهو تساقط الشعر على شكل بقع في فروة الرأس)، لا يشمل التساقط جميع الأشعار الموجودة في المنطقة المصابة، ويعود الشعر للنمو بشكل طبيعي بعد إيقاف الدواء.
- ارتفاع في مستوى الشحوم الثلاثية والكوليسترول.
- إصابة الكبد: في حالات نادرة يسبب الدواء حدوث تشحم كبدي (وهو استبدال الخلايا الكبدية الطبيعية بخلايا شحمية بينها)، يراقب هذا الأثر الخطير بإجراء تحاليل دموية دورية طيلة فترة العلاج.
- الألم: إذ يمكن أن يؤدي الدواء إلى ألام متوسطة الشدة في العضلات والمفاصل، لذلك ينصح الأطباء بتجنب الجهد الفيزيائي الشديد أثناء العلاج.
- الآثار النفسية: يعاني بعض المرضى من تقلبات مزعجة في المزاج قد تصل في حالات قليلة إلى درجة الاكتئاب لاسيما عند الذين يعانون في الأساس من الاضطرابات النفسية أو لديهم استعداد وراثي وبيئي لذلك.
ما هي الحالات التي لا يمكن فيها تناول الروكتان؟
- الحمل: يعتبر الحمل مانعاً مطلقاً لاستخدام الروكتان لكونه أحد الأدوية التي ثبت تأثيرها المشوه على الأجنة، لذلك يوصي الأطباء باستخدام مانع حمل فعال أثناء العلاج به وخلال شهر على الأقل بعد نهاية الحبة الأخيرة من الدواء (بعض الأطباء يفضل منع الحمل لـ 6 أشهر بعد الدواء) من أجل تجنب حدوث حمل غير مرغوب به.
- الإرضاع: ينصح الأطباء بإيقاف الإرضاع قبل البدء بالعلاج لأن المادة الدوائية الفعالة تنتقل عبر الحليب إلى الطفل.
- الحساسية المسبقة للدواء: يجب إخبار الطبيب المعالج في حال سبق لك التحسس من الإيزوتريتونوين أو أحد مشتقات فيتامين A الأخرى لكي يبدل الدواء المختار بخطة علاجية أخرى، كما يحذر من استخدامه عند من لديهم حساسية من مشتقات زيوت الصويا لكونها تدخل في تركيب كبسولات الدواء.
- وجود بعض الأمراض المرافقة: ومن أهمها:
- أمراض الكبد المنهكة مثل التهابات الكبد المختلفة وتشمع الكبد لأن دواء الروكتان يتم تفكيكه وطرحه من الجسم عن طريق الكبد.
- ارتفاع الشحوم والكوليسترول لأنه كما ذكرنا يزيد أصلاً من مستوياتها في الدم.
- السكري وأمراض الكلى.
- الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب ثنائي القطب.
- العمر: لا يعطى هذا الدواء للأطفال تحت عمر 12 سنة لعدم نضج وظائف الكبد لديهم.
ما الأمور التي يجب عليك الانتباه لها خلال فترة العلاج؟
- تجنب التعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة دون وضع الواقي الشمسي لأنه وكما ذكرنا تزداد حساسية البشرة للشمس خلال فترة العلاج فيزداد احتمال التعرض للحروق الشمسية.
- عدم التبرع بالدم طيلة فترة العلاج وحتى مرور شهر على انتهائه، وذلك لأن الدم المتبرع به قد يعطى لطفل أو حامل أو مرضع.
- عدم إجراء عمليات الليزر على العينين لأن الجفاف الحاصل خلال العلاج يعيق شفاء القرنية بعد مثل هذه العمليات ويزيد من احتمال حدوث الالتهاب.
- التقليل من وضع مساحيق التجميل على البشرة وذلك لأنها ازدياد حساسية البشرة للمواد المخرشة وإمكانية الإصابة بالأكزيما.
- تجنب الخضوع لجلسات إزالة الشعر بالليزر حتى مرور ستة أشهر على نهاية العلاج خوفاً من حدوث حروق جلدية بأشعة الليزر.
- عدم تناول المكملات الغذائية الحاوية على الفيتامينات المركبة، لكونها تحوي بينها على فيتامين A لتجنب حدوث انسمام بفيتامين A والذي يدخل في تركيب الدواء أيضاً.
- عدم تناول جرعة مضاعفة من الدواء في حال نسيانها في اليوم السابق، نظراً لخطورة حدوث السمية الدوائية في هذه الحالة.
أهم المغالطات الشهيرة حول العلاج بالروكتان
يشيع بين الناس الكثير من المغالطات حول هذا الدواء، أهمها:
- يتهم بإحداث العقم لدى السيدات في سن الإنجاب وهو أمر خاطئ تماماً، ولعل السبب الكامن وراء انتشار مثل هذه الفكرة هو نصح الأطباء لمريضاتهم بعدم الحمل قبل مرور شهر على العلاج ولكنه في الحقيقة لا يؤثر على خصوبة المرأة بأي شكل من الأشكال.
- يظن البعض أنه يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية والحقيقة أن الدواء لا يحتوي على أي مواد هرمونية لذلك من غير الممكن له التدخل في انتظام وغزارة الدورة.
- كثيراً ما يربط المرضى تناول الدواء بفقدانهم أو اكتسابهم لبعض الوزن وهو أمر غير دقيق أبداً، إذ لم تثبت الدراسات التي أجريت عليه أي رابط بين تناوله و تغيرات وزن الجسم.
- بالرغم من كون الدواء مقشراً قوياً لطبقات الجلد إلا أنه لا يؤدي إلى تبييض البشرة كما يشاع عنه، فالطبقات السطحية تصبح أكثر نضارةً ونعومة فقط أما لون البشرة فتعد الخلايا الصباغية (الميلانينية) هي المسؤول الرئيسي عنه وهي لا تتأثر أبداً بتناول الروكتان.
وفي الختام.. على الرغم من حديثنا خلال المقال عن أهمية الإيزوتريتونوين في علاج الكثير من حالات حب الشباب ونتائجه الرائعة في الحالات المعندة إلا أنه لا يجب نسيان كونه دواءً ذا آثار جانبية لا يجب الاستهانة بها، لذلك من الضروري عدم تناوله إلا بموجب وصفة دوائية من قبل طبيب مختص مع الالتزام الكامل بالمحاذير المعطاة من قبله لتجنب المضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن إهمالها.