التنمر عند الأطفال أسبابه وعلاجه
هل شعرتم في يوم من الأيام أن أحد أطفالكم يقوم بإزعاج الأطفال الآخرين وأذيتهم؟ هل أحسستم يوماً أن طفلكم يتعرض للأذى النفسي أو الجسدي من قبل أحد الأطفال الآخرين في المدرسة؟ لا تقلقوا! فلا يوجد أي مشكلة بلا حل. سنستعرض لكم في هذا المقال كل ما يجب أن تعرفونه عن التنمر عند الأطفال في فئاتهم العمرية المختلفة، وكيفية التعامل مع هذا الموضوع سواء كان طفلكم هو المتنمر أو الضحيّة.
ما هو مفهوم التنمر عند الأطفال؟
التنمر هو شكل من أشكال العدوان الاستباقي حيث أن الضحية لا يقوم بأي أمر ليستفز به المتنمر، وينطوي التنمر على عدم التوازن في القوة بين المتنمر والضحية حيث تكون الضحية دوماً ضعيفة والمتنمر دوماً قوي، كما أن التنمر متعمّد دائماً ولا يحدث دون قصد. يعتبر التنمر أسلوب عدواني بين الأطفال في المدارس، كما أن التنمر لا يحدث لمرة واحدة فقط، بل يتكرر بشكل دائم.
ما هي العوامل التي تساعد على ظهور التنمر لدى الأطفال؟
لا يعتبر التنمر عند الأطفال من الأمور التي يصعب التنبؤ بها، بل على العكس تماماً. حيث أنه يمكن للأهل الذين ينتبهون إلى تصرفات أطفالهم وسلوكياتهم أن يربطوا هذه التصرفات بخلل ما بشخصيتهم يجعلهم يصبحون متنمرين. تتعدد العوامل المساعدة على ظهور التنمر وتتراوح بين العلاقات الأسرية والمجتمعية والتعليمية وغيرها من العوامل التي لا يمكن التحكّم بها نتيجة مشاكل نفسية معيّنة يمر بها الطفل أو تكون فطريّة. لنذكر معاً أهم الأسباب التي قد تجعل من أطفالكم متنمرين.
- العقاب الجسدي القاسي في مراحل الطفولة على يد أحد أفراد الأسرة.
- الإحباط الذي يعيشه الطفل نتيجة عدم تقديم الأهل أو المجتمع أو المدرسة الدعم النفسي والعاطفي اللازم له.
- تعرّض الطفل للتنمر من قبل أحد أقرانه في المدرسة أو الحي أو من أحد أفراد العائلة قد يجعله يتنمر على من هم أضعف منه.
- النزعة العدوانية التي يمتلكها الطفل وقد تظهر في بعض تصرفاته في المنزل.
- الثقة القليلة بالنفس ممكن أن تجعل الطفل يرغب بالتعويض عن ذلك باستخدام العنف ضد أقرانه.
هنالك بعض الأفكار المغلوطة فيما يتعلّق بأسباب ظهور السلوك العدواني لدى الأطفال، حيث قد يعتقد البعض أن العوامل الجينية قد تساعد في ظهور التنمر عند الأطفال. نؤكد لكم قراءنا الكرام أن العوامل الجينية كالعرق أو الجنس أو العقيدة لا يؤثرون أبداً على ظهور السلوك العدواني عند الأطفال
للتنمر أنواع عدة، ماهي أهم أنواع التنمر عند الأطفال؟
يمكن أن يأخذ التنمر أشكال عديدة منها ما هو جسدي ومنها ما هو لفظي، بالإضافة إلى أنواع أخرى أكثر انتشاراً لكنها أقل خطورة. إن الخطوة الأولى في مساعدة أطفالكم المتنمرين أو ضحايا التنمر هي أن تتعرفوا على أنواع التنمر وتميّزوا النوع الذي يقوم به أو يتعرّض له أطفالكم. لنرى معاً ما هي أنواع التنمر عند الأطفال.
- التنمر الجسدي
كالضرب والدفع والركل والخنق القسري، أو ممكن أن يتجسد بأخذ أي شيء مادي من الطفل الضحية كطعامه أو نقوده أو غرض يحبه.
- التنمر اللفظي
ويتجسد بإطلاق الألقاب السيئة أو التهديد أو التعنيف اللفظي أو الخباثة في الكلام أو الإغاظة أو الترهيب النفسي باستخدام الكلمات.
- التنمر غير المباشر
ويشمل النميمة والافتراءات وتخريب السمعة وإقناع الأطفال الآخرين بالابتعاد عن الضحية.
- التنمر الالكتروني
وهو التنمر عن طريق الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع تلاميذ المدرسة التي يذهب إليها الضحية، وذلك عن طريق التهديدات أو الإزعاجات أو الترهيب بواسطة الرسائل أو المكالمات أو المنشورات الجماعية.
كيف تساعد طفلك بالتوقف عن التنمر؟
إن كان طفلك متنمراً فهذا لا يعني أن تغض النظر عن أهمية وخطورة التنمر عند الأطفال بل على العكس، كون طفلك متنمراً وليس ضحيةً لا يعني بأنه طفل سليم وليس بحاجة للمساعدة، طفلك بحاجة لمساعدتك أكثر من أي وقت مضى. اجعل من هذه الفقرة من مقالنا دليلاً لكيفية التعامل مع طفلك المتنمر.
• أولاً علينا فهم التنمر عند الأطفال
علينا أن نفهم في البداية أن ظهور سمات المتنمرين عند طفلكم يعني بالضرورة فقدان الشعور بالأمان لديهم، فاختيارهم لطفل أضعف جسدياً أو عاطفياً منهم يمنحهم شعوراً زائفاً بأنهم أكثر أهمية أو أقوى. ومن الممكن أيضاً أن يكون الطفل المتنمر ضحية لتربية أهله في المنزل، حيث أنهم قد زرعوا فكرة كونه أقوى من غيره لمجرد أنه بحجم أو بمظهر أو من عرق أو دين معينين. يحتاج الأطفال المتنمرين إلى مساعدة في تعلّم كيفية إدارة غضبهم ومشاعرهم، حيث أنهم لا يمتلكون المهارات التي يحتاجونها للتعاون مع الآخرين.
• ثانياً إنهاء السلوك العدواني المتمثل بالتنمر
عليك أن تدع طفلك يعرف أن التنمر أمر غير مقبول وأنه إن قام بالتنمر سيكون هناك عواقب وخيمة في المنزل والمدرسة والمجتمع. بعد أن تخطو الخطوة الأولى في فهم أسباب ظهور التنمر لدى طفلك سيكون عليك القيام بالخطوات التالية:
- خذ موضوع التنمر بجدية مطلقة، تأكد أن طفلك يعلم أنك لن تتسامح مع التنمر في المنزل أو الأماكن الأخرى. يمكنك أن تقوم بمعاقبة طفلك عن طريق الامتيازات، وذلك بأن تشتري له شيئاً يحبه في كل مرة ينجح فيها بالتوقف عن التنمر. كما يمكنك أن تعاقب طفلك عن طريق سحب الأشياء التي يحبها منه عندما يقوم بأي فعل عدواني.
- علّم أطفالك أن يتعاملوا مع الآخرين باحترام ولطف، حسن التربية يلعب دوراً أساسياً في إنهاء التنمر. علّم طفلك أن السخرية من الاختلافات (الدين، العرق، الاحتياجات الخاصة، المظهر) هو أمر ممنوع منعاً باتاً، كما عليك أن تعلّمهم أن التعاطف أمر ضروري في الحياة وأن التعاون والمشاركة تجعلهم يكوّنون صداقات لا مثيل لها في مدارسهم.
- ابق قريباً من الحياة الاجتماعية لطفلك، وابحث جيداً في الأسباب التي قد تكون أدت لظهور هذا النوع من التصرف العدواني لديه. تحدث دائماً مع أولياء الأمور الآخرين في المدرسة، وابق عل تواصل مع أقران طفلك ومدرسيه ومرشدي التوجيه وإدارة المدرسة.
- شجع سلوك طفلك الجيد دوماً، التعزيز الإيجابي أكثر قوة من التعزيز السلبي، الجوائز والثناء والمديح التي تعطيها لطفلك عند قيامه بأمر جيد تجعله يكرره.
- كن قدوة ومثال يحتذى به لطفلك، فكر جيداً كيف تتصرف حول أطفالك وكيف تتعامل مع النزاعات والمشاكل حولهم. إن تصرفك العدواني سيؤدي بالضرورة إلى ظهور السلوك العدواني لدى طفلك.
كيف تساعد طفلك عندما يكون ضحيّة للتنمر؟
إن أخبرك طفلك بأنه يعاني من وجود طفل متنمر في مدرسته لا تتعامل مع الموضوع بدرجة متدنية من الأهمية، فالأذى النفسي والجسدي الذي يسببه التنمر من الممكن أن يكون خطيراً للغاية على الأطفال، تذكر دوماً أن الطفولة هي مرحلة عمرية حساسة وتحتاج للتعامل المدروس معها. إن كان طفلك يتعرض للتنمر في مدرسته من قبل طفل آخر فهنالك خطوات يجب عليك اتخاذها قبل أن تعطي طفلك النصائح الضرورية.
• كيف تتعامل أنت كوالد/ة مع طفلك إن كان ضحية للتنمر؟
إن أخبرك طفلك عن تعرضه للمضايقات استمع بهدوء وقدم له الراحة والدعم. غالباً ما يحجم الأطفال عن إخبار البالغين عن التنمر الذي يتعرضون له لأنهم يشعرون بالحرج أو الخجل أو لأنهم يقلقون من ردة فعل والديهم التي قد تتجسد بخيبة الأمل أو الغضب، حيث يشعر بعض الأطفال بأن كونهم ضحية للتنمر يعني أنهم هم المخطئون كونهم مختلفين عن غيرهم. يقلق بعض الأطفال من أن والديهم لن يصدقوهم أو أنهم لن يفعلوا أي شيء حيال الأمر. لا تترك الأمر بيدك فقط، دع شخصاً مسؤولاً في المدرسة يتصرّف كالمدير أو المرشد النفسي أو المعلّم، لأنهم سيستطيعون مراقبة الموضوع عن كثب، كما يستطيعون القيام ببعض الأمور التي يمكنها الحد من مشكلة التنمر.
• ما هي النصائح التي يمكن أن تعطيها لطفلك الذي يتعرّض للتنمر؟
- أخبره بأن يتجنب التفاعل مع المتنمر ويبق دوماً بصحبة صديق، وذلك عن طريق ابتعاده التام عن التعامل مع الأطفال المتنمرين مهما كان السبب، كما أن بقاءه بصحبة صديق ما يعزز لدى طفلك الشعور بالأمان.
- أخبر طفلك بأن الغضب ليس الحل، فالغضب هو الذي جعل من المتنمر متنمراً، لذا على طفلك أن يبتعد عن هذا الأسلوب، كما أن إظهار الضحية للغضب يجعل المتنمر يشعر بقوة أكبر، ويجعله يشعر بأنه قد حقق ما يريد.
- عليك أن تخبر طفلك بتجاهل المتنمرين، فهذا هو الأسلوب الوحيد الذي يجعل من المتنمر يشعر بالملل وبعدم جدوى التصرفات العدوانية التي يقوم بها.
- عليك توصية طفلك بإخبار المسؤولين في المدرسة بما يحدث معه، حيث يشعر الطفل الضحية بالأمان والطمأنينة عندما يكون هناك شخص بالغ يساعده في التغلب على التنمر.
ماهي الفوارق وأوجه الشبه بين التنمر عند صغار السن والمراهقين؟
إن التنمر عند الأطفال هو مفهوم واحد لدى جميع الفئات العمرية إلا أنه ليس مفهوماً ثابتاً، بل يمكن أن تطرأ عليه بعض التغييرات في السلوكيات والأساليب وطرق التعامل معه عندما تتغير الفئة العمرية التي نتعامل معها من أطفال صغار ومراهقين.
- التنمر عند الأطفال الصغار
يبدو أن أكثر أساليب التنمر وضوحاً لدى الأطفال الصغار وخصوصاً الذي يبلغون من العمر 4 سنوات أو أقل هو التنمر الجسدي، حيث يسيطر الضرب والركل والصراخ والبكاء على التنمر ضمن هذه الفئة العمرية. من السهل التعامل مع الطفل في هذه المرحلة العمرية، فالتنمر ليس متأصلاً فيه بل هو نتيجة لبعض السلوكيات الخاطئة التي يمكن تعديلها. توقف عن استخدام أي نوع من أنواع العدوان أمام طفلك سواء كان جسدياً أو لفظياً واحرص على أن يبق طفلك بعيداً عن البرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو العنيفة.
- التنمر عند المراهقين
يصعب التعامل مع المراهقين لأنهم غالباً ما يكونون حساسين جداً في هذه المرحلة العمرية، إلا أن التعامل مع المراهق المتنمر أصعب بكثير من نظرائه. ينتشر التنمر الالكتروني بكثرة بين المتنمرين المراهقين، إلا أن ليس هنالك مشكلة بدون حل. اسعَ دوماً لأن يكون لابنك المراهق مساحة فكرية وعاطفية خاصة به فهي الخطوة الأولى في التخلص من سلوكه العدواني، كما عليك أن تقوم بتوعيته بأسلوبك الخاص فالمراهقين ليسوا أطفالاً صغاراً ويمكنك أن تدخل معهم في نقاشات وتسمع وجهات نظرهم. لا شك أن المساعدة النفسية تلعب دوراً هاماً في التخلص من التنمر عند المراهقين، لذا اسع لأن يحصل ابنك المراهق على هذا النوع من المساعدة.
في النهاية، قدمنا لكم في هذا المقال الصورة الكاملة والشاملة لما يخص موضوع التنمر عند الأطفال في جميع فئاتهم العمرية. ونتمنى أن يتخلّص أطفالكم -بمساعدتنا ومساعدتكم وجهودكم في المنزل- بالتخلص من سلوكياتهم العدوانية أو بالتخلص من المتنمرين في محيطهم. إن كان لديكم أي استفسار يخص موضوع التنمر عند الأطفال لا تترددوا في إرسال أسئلتكم الى خبراء موقع حلّوها. شاركونا آرائكم وتجاربكم حول التنمر عند الأطفال.