ما هي الرموز في تفسير الأحلام؟ مع الدكتورة سراء الأنصاري
انشغل الإنسان بمعنى الأحلام والمنامات منذ الأزل، وحاول على مرِّ العصور أن يضع مبادئ أو قواعد عامة لتفسير الأحلام تساعده على فكِّ ألغاز صور النوم، ولا شكّ أن علم النفس الحديث قدم العديد من النظريات الجديرة بالاهتمام حول عالم الأحلام، لكن ما بقي مجهولاً في مصادر ومعاني الرؤى أكثر مما استطاع الإنسان إدراكه بشكل قاطع حتى الآن، حتى أن وظيفة الأحلام نفسها ما تزال محلّ نقاشٍ وجدل.
في هذا الفيديو تتناول د.سراء فاضل الأنصاري جانباً من جوانب تفسير الأحلام وهو الرموز وعلاقتها بتأويل معنى الحلم ودلالات المنامات، ومعنى الرموز الكونية أو رموز اللاوعي الجمعي، مع أمثلة عن الرموز في عالم الأحلام.
علم تفسير الأحلام ومبادئ تعبير الرؤى
يعتبر علم تفسير الأحلام علماً قائماً بحد ذاته في التراث الإسلامي، ويعتمد على القرآن والسّنة النبوية الشريفة، وعلى الموروث الثقافي الجمعي من أمثال شعبية وأبيات شعر وأنماطٍ شائعة للرمز المراد تأويله، وقد فصّلنا ذلك في مقالنا عن مبادئ تعبير الرؤى وتفسير الأحلام؛ يمكنكم قراءة التفاصيل من هنا.
وفيما يرفض بعض رواد علم النفس الحديث المغالاة بالتفسير الديني والغيبي للأحلام؛ يعتقد آخرون أن الكثير من الأحلام تأتي من عالم الغيب وتحمل للرائي إشارةً أو تحذيراً أو تمهِّد لحدثٍ ما، لكن الحقيقة التي يتفق عليها الجميع أن الرمز هو العمود الفقري للحلم، سواء كان هذا الرمز غيبياً أو رمزاً من اللاوعي الفردي أو الجماعي... فما هو المقصود بالرموز في عالم الأحلام؟.
ما هي الرموز في عالم الأحلام؟
في محاولات تحديد ما يميز الإنسان كانت إحدى المميزات الملفتة أن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إدراك الرموز -الترميز وفكّ الترميز- فالإنسان وحده من يستخدم الرمز والكناية والاستعارة والتشبيه، فإن أراد الإنسان التعبير عن الحرية رسم طيراً، وإن أراد التعبير عن الغضب قال "كالبركان"... وهكذا.
وتسيطر الرموز على عالم الأحلام بشكلٍ مطلق، وتختلط الرموز الكونية أو رموز اللاوعي الجماعي المشتركة بين الناس جميعاً مع الرموز الثقافية الأضيق التي تجمع فئة من الناس، مع الرموز الفردية التي تخص الرائي دون غيره.
خذ مثلاً رؤية أعضاء الجسم في المنام وتحديداً رؤية الساق، فالساق التي تسند وقوف الإنسان تستمد رمزها في الحلم من عملها في الواقع، ورؤية بتر الساق في المنام قد تدل على شعور الإنسان بقلّة الحيلة وانخفاض الهمّة على السعي، فيما فسّر كبار مفسري الأحلام بتر الساق بذهاب المال وهو أيضاً من رمزية ضرورة سلامة الساق لأداء العمل وتحصيل المال.
وقد اعتمد المفسرون أيضاً في تفسير رؤية أكل اللحم في المنام مثلاً على الآية الكريمة ((وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا)) فقالوا أن أكل اللحم النيئ في المنام يدل على الغيبة والنميمة.
وهكذا... لا تدل الرؤيا على نفسها، وإنّما تحمل رمزاً يجب فك شفرته، فمن ضرَبَ في المنام شرطياً قد يكون حاقداً على والده لكن العقل الباطن استخدم رمز الشرطي تعبيراً عن السلطة وتجنّباً لإظهار الأب نفسه لما في ذلك من تعارض مع قيم الأنا الأعلى.
شروط تفسير الأحلام
والحديث عن الرموز في عالم الأحلام يقودنا إلى الحديث عن قواعد وشروط تفسير الأحلام، وهو محلّ خلافٍ بين من اعتبر أن مفسّر الأحلام لا بد أن يكون عارفاً ومتعلماً ومتخصّصاً، وبين من اعتبر تفسير الأحلام موهبة يمكن تنميتها بالعلم والمعرفة.
لكن ما يتفق عليه مفسرو الأحلام أن ظروف الفرد الخاصة وحالته الاجتماعية وشخصيته وتفاصيل حياته تلعب دوراً كبيراً في تعبير الرؤيا وتحديد معاني الرموز.
ما يعني أن تفسير الأحلام لا بد أن يكون خاصاً لكلّ شخصٍ على حدة، وما التفاسير العامة للرؤى والأحلام إلّا محاولة لوضع خطوط عريضة للرموز الشائعة قد تنجح حيناً وقد تخفق حيناً.