حقيقة الرؤية والأحلام ولماذا يجب أن نهتم بالرؤيا مع ياسمين الكيلاني
امتلك الإنسان رغبةً مستمرةً ومتناميةً للاتصال بعالم الغيب، وقد تنوعت تجارب الإنسان في هذا المجال حتى اختلطت فيها المحاولات البريئة مع الشعوذة والدجل والخرافة، فيما يعتقد البعض أن الطريقة كانت موجودة دائماً وهي "عالم الرؤى والأحلام"، حيث تحمل الرؤيا للإنسان البشارة والإنذار وما عليه سوى الأخذ بها، والله أعلم.
في هذا التسجيل القصير تتحدث الإعلامية ياسمين الكيلاني عن هذه الجزئية بالتحديد، من أين تأتي الرؤى؟ وهل يجب علينا الاهتمام بالأحلام وتفسيرها أم إهمال ما نراه أثناء النوم؟ ولماذا الرؤى جديرة بالتفسير؟.
ما هي الأحلام والرؤى؟
لنتفق أولاً أن إيجاد تعريفٍ جامعٍ لحالة الحلم ما زال غير ممكن، مع أن الأحلام من أكثر الظواهر الإنسانية خضوعاً للدراسة والبحث، لكنها أيضاً من أكثر القضايا غموضاً وإثارةً للجدل.
ويمكن التمييز بين اتجاهين رئيسيين في دراسة وتعريف الأحلام:
1- الاتجاه الأول وهو الاتجاه العلمي الذي يحاول إيجاد تفسير علمي لعملية الحلم، لكن نتائج هذه الاتجاه بمعظمها لم تكن سوى اقتراحات وتكهنات لا يمكن فحصها والقياس عليها.
من هذه النتائج أن الأحلام تحدث لمعالجة المعلومات في مرحلة النوم، أو كجزء من آليات العلاج النفسي الذاتي من خلال التعبير عن الرغبات المكبوتة، ومن الجدير بالذكر أن هناك اختلافاً بوجهات النظر داخل الاتجاه العلمي لتفسير الأحلام نفسه، بين أنصار التحليل النفسي وأنصار طب المخ والأعصاب.
2- الاتجاه الثاني وهو الأقدم؛ التعامل مع الأحلام كإشارات غيبية ذات معنى ودلالة تحمل في طياتها تحذيراً أو إنذاراً للرائي أو بشارة، هذا الاتجاه عميق وراسخ في التراث الإنساني وفي التراث الديني بشكل أساسي.
ويميّز المؤمنون بهذا الاتجاه بين الحلم والرؤيا، حيث لا ينكرون وجود أحلام ومنامات قادمة من اللاوعي أو غير ذات دلالة مهمة، لكنهم يؤكّدون وجود أحلام أخرى جديرة بالتأويل وتحمل رسائل إلهية، وهي ما يطلق عليها "الرؤيا" وهي مجال البحث في التفسير وفق ضوابط وإن لم تكن واضحة لكنها موجودة.
هل تفسير الأحلام حقيقي؟ "الرؤى في الإسلام"
الثابت في الشريعة الإسلامية أن الرؤى موجودة وحقيقية وأن تفسيرها ممكن للبحث فيها عن البشارة والإنذار، والدلائل عليها كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
منها قوله تعالى في سورة الأنفال آية 43: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
ونجد أن الله ﷻ يرسل الأمر إلى إبراهيم عليه السلام عن طريق الرؤى {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}. الصافّات 102
وقد ذهب بعض أهل العلم للقول أن تفسير الأحلام لا يكون إلى هبة من الله يمنّ بها على بعض عباده دون غيرهم، واستشهدوا بقوله تعالى في سورة يوسف آية6: {وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ}.
وقد أوّل يوسف عليه السلام رؤيا فرعون {إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} بوحي من الله تعالى وبما آتاه من علم تعبير الرؤيا.
راجع مقالنا عن علم ومبادئ تفسير الأحلام والرؤى لتعرف أكثر عن جواز العمل بتفسير الأحلام وعن خصال المفسّر وجواز اتخاذ أجرٍ على تأويل المنامات، انقر هنا.
وللتنويه فإن اعتراف أهل العلم بالرؤيا بناءً على الأدلة القرآنية وأدلة السُّنَّة لا يعني أن يتحول الحلم وتفسيره إلى ضربٍ من التنجيم، أو أن يعتقد الإنسان أن معرفته بمعنى الحلم قد تبدل من القدر.
قال تعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} صدق الله العظيم.